إذا فليس هو مائنا (٢) منسوبا إلى هذين الوالدين ، ولا أي عنصر أو جزئ حتى الئيدروجين حيث النسب يشملها كلها ، فإنه على كونه أبسط الذرات ـ فيما يعرفه العلم حتى الآن ـ منسوب إلى والدين هما «الكترون وبروتون» أم وفيه مزيد من نيوترون وبوزيترون.
إنما المادة الأم الفردة الأولى هي المشار إليها في آية الذاريات (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٥١ : ٤٩) ف (كُلِّ شَيْءٍ) يعم الشيء الأوّل المخلوق منه سائر الأشياء ، وأقل تركيب له يشكل كيانه المادي كأبسطه ، هو الجزءان الهندسيان أو الفيزيائيان ، أم ـ لأكثر تقدير ـ أبعاد ثلاثة هي أم هما تشكل كيان المادة كأصل لها أصيل ، وقد فصلنا البحث حول كيان المادة الفردة غير القابلة للانقسام ببقاء زوجها على ضوء آية الذاريات فلا نعيد.
وترى ولما ذا سميت المادة الأولية هنا ب «الماء» ولها أسمها؟ ذلك لأنها غير معروفة لدينا حتى نعرف لها اسما ، وأفضل تعريف بها اسميا هو «الماء» اعتبارا بمشابهة أجزاءه حسب المعرفة البسيطة ، وبساطتها حيث يركب من ذرتي الأوكسيجين والئيدروجين ، فلتسمّ المادة الأولية باسم أبسط المواد المعروفة لدينا عرفيا وعلميا ، وكما استعمل «الماء» في مني الإنسان وسائر الحيوان ، وما أشبه في سائر القرآن.
ذلك ، وكما يعرف «الماء» من وراء ذلك الاسم بسماته ، فمنها هنا أنها مادة السماوات والأرض لخلقهما ، وفي الذاريات نعرف أبسط تركيب له أنه ذو بعدين اثنين ، أم وأبعاد ثلاثة.
ثم وهنا آثار مستفيضة عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته المعصومين (عليهم السلام) تتوارد لتأييد أن هذا «الماء» هو المادة الأولية المخلوقة قبل كلّ شيء ، مهما اختلفت أحيانا في كيفية التفجّرة الأولى لخلق السماوات والأرض منها.
فالمروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «أول ما خلق الله الماء» مهما روي عنه أيضا «أوّل ما خلق الله نوري» حيث الأولية الأولى