السنين الضوئية الفاصلة بيننا وبين جزر من النجوم للسماء الأولى.
هنا يعرّف «الماء» أنه أم الكائنات بأسرها المعبر عنها دوما ب (السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أم (وَما بَيْنَهُما) أم «وما فيهما» فهو الخلق الأول على الإطلاق حيث خلق منه كل خلق من الأرواح والأجساد الكامنة فيه ، كيف لا وقد «حمل دينه وعلمه الماء قبل أن يكون سماء أو أرض أو إنس أو جن أو شمس أو قمر (١) ، وكما في الآثار : «أول ما خلق الله الماء» «ولو كان أوّل ما خلق من خلقه ، الشيء من الشيء ، إذا لم يكن له انقطاع أبدا ، ولم يزل الله إذا ومعه شيء ليس هو يتقدمه ، ولكنه كان إذ لا شيء وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه ، وهو الماء الذي خلق الأشياء منه ، فجعل نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه» (٢).
__________________
ـ أن أحسب ، قال علي (عليه السلام) : أفرأيت لو كان حب خردل في الأرض حتى سد الهواء وما بين الأرض والسماء ، ثم أذن لمثلك على ضعفك أن تنقله حبة حبة من مقدار المشرق إلى المغرب ثم مدّ في عمرك وأعطيت القوة على ذلك حتى تنقله وأحصيته لكان ذلك أيسر من إحصاء عدد أعوام ما لبث عرشه على الماء من قبل أن يخلق الأرض والسماء وإنما وصفت لك ببعض عشر عشير العشير من جزء مائة ألف جزء واستغفر الله من القليل في التحديد».
أقول إنه لا يستطيع أي محاسب دقيق أن يحاسب ذلك المقدار وإن في مليار من السنين ، كيف وأقرب الجزر السماوية إلينا تبعد عنا ٠٠٠ / ١٠٠ من السنين الضوئية هي جزيرة «ماجلان» تبعد ٠٠٠ / ٢٥٠ و «اندروما».
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٣٧ في كتاب التوحيد عن داود الرقي قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) ، فقال لي ما يقولون؟ قلت : يقولون إن العرش كان على الماء والرب فوقه ، فقال : كذبوا ، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة المخلوقين ولزمه أن الشيء الذي يحمله أقوى منه ، قلت : بين لي جعلت فداك ، فقال : إن الله عزّ وجلّ حمل دينه وعلمه ... أقول : وهذه عناية لطيفة أن علمه ودينه بحملتهما كانا محمولين في «الماء»!.
(٢) الكليني في روضة الكافي بإسناده عن محمد بن عطية قال : جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) من أهل الشام من علمائهم ـ إلى أن قال ـ : وكان الخالق قبل المخلوق ولو كان ...