يذكر تلك الثلاثة من السلطة الفعلية بعد كل مرحلة من الخلق تقديرا له وتدبيرا.
وأما «الماء» هنا ، فهل هو المعروف لدينا حيث نشربه ونشرب به زروعنا ودوابنا؟ وهو مما خلق مع السماوات والأرض أم بعدهما ، فهو وليد «الماء» الذي خلق منه الأرض والسماء ، فأين والد وما ولد؟.
ذلك ، و «كان» هنا تضرب إلى أبعد أغوار الماضي البعيد لكينونة «الماء» قبل خلق الأرض والسماء ، فليس هو الماء المتولد فيهما وعنهما حيث خلقهما «و» الحال أنه (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ).
وقد يروى في بعد هذا الماضي البعيد عن الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ما العقل منه يحيد لروعته وبداعته حيث يضرب إلى مليارات من سنّينا والله أعلم (١) ولا سيما بما نعلمه حتى الآن من آلاف
__________________
(١) في تفسير البرهان ٢ : ٢٠٨ عن تفسير العياشي سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن مدة ما كان عرشه على الماء قبل أن يخلق الأرض والسماء؟ فقال : تحسن أن تحسب؟ فقال السائل : نعم ، فقال : لو أن الأرض من المشرق إلى المغرب ومن الأرض إلى السماء حب خردل ثم كلفت على ضعفك أن تحمله حبة حبة من المشرق إلى المغرب حتى أفنيته لكان ربع عشر جزء من سبعين جزء من بقاء عرش ربنا على الماء قبل أن يخلق الأرض والسماء ، ثم قال : إنما مثلث لك مثالا.
أقول : نظرا إلى «على ضعفك» بطؤا في الحركة ، والسعة الهائلة بين المشرق والمغرب ، وأهم منها عدد حبات الخردل ملأ الأرض والسماء على سعتها الهائلة ، نظرا إلى هذا المثلث ، وأن الزمن الذي يتطلب ذلك النقل هو «ربع جزء من سبعين جزء» أي ١ / ٢٨٠٠ من بقاء عرش ربنا ، وانه «انما مثلث لك مثالا» يعرف مدى طائل الزمن الذي كان عرشه على الماء وهو بليارات من السنين في حسابنا والله أعلم.
وفي بحار الأنوار ٥٤ : ٢٣١ عن كتاب المختصر للحسن بن سليمان مما رواه من كتاب الخطب لعبد العزيز بن يحيى الجلودي قال : خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال : سلوني فإني لا أسأل عن شيء دون العرش إلا أجبت فيه فقام رجل ـ وفيه أنه سأله تعنتا عن مسائل منها ـ فكم مقدار ما لبث الله عرشه على الماء من قبل أن يخلق الأرض والسماء ، قال : تحسن أن تحسب؟ قال : نعم ، قال : لعلك لا تحسن! قال : بلى إني لأحسن ـ