فليس المقصود أن هناك رزقا مقدرا يأتي دون سعي لمن بإمكانه السعي كما يعتقده بعض المجاهيل البطالين من الناس ، وإلا فأين الأسباب التي أمر الله بالأخذ بها وجعلها من نواميسه في رزقه؟ وأين حكمة الله في إعطاء مخلوقات قدرات وطاقات وقد خلقنا واستعمرنا في الأرض : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) (١١ : ٦١) و (أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (٨٤ : ٦).
ذلك ، ومن ذا الذي يرزقنا بما نسعى قدر ما تقتضيه حكمته العليا : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (١٥ : ٢١) لكلّ من مريد العاجلة والآجلة : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً. وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً. كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) (١٧ : ١٨ ـ ٢٠).
وترى (عَلَى اللهِ) تعم الرزق الحرام إلى الرزق الحلال؟ طبعا لا! إلّا أن الله يحرم طالب الحرام عما قدر له بسعيه من الحلال ، والمتخلفون عن شرعة الله في طلب رزق الله ، هم منهيون منئيون عن حرامه شرعيا وإن كانوا يرزقونه تكوينيا قضية الحكمة في دار الإختيار الاختبار.
«ألا إن الروح الأمين نفث في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوا بشيء من معصية الله فإن الله قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما فمن اتقى الله وصبر أتاه رزقه من حله ومن هتك حجاب ستر الله عزّ وجلّ وأخذه من غير حله قص به من رزقه الحلال وحوسب عليه» (رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
و «اعلموا علما يقينا أن الله عزّ وجلّ لم يجعل للعبد وإن اشتد جهده