أسوءها وهو شرطية شكه ، فلم تكن لتعني واقع شكه ، بل هو مجاراة تعني استئصال أي شك وريبة حول القرآن.
ف (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) (٢ : ١٤٦ و٦ : ٢٠) (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (١١ : ١٩) (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٥ : ٤٨).
أفبعد هذه التصاريح وعشرات أمثالها يقحم هذا الرسول في كتابه ما يهدم عليه صرح دعوته ودعواه ، ولا يعمله أي بسيط سفيه ، فضلا عن أعقل عقلاء التاريخ؟!.
ذلك ، ولو كان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) شاكا فيما أنزل إليه من ربه لكان غيره من المؤمنين به أولى بالشك فيه ، وكيف يزول ذلك الشك بما يخبره به أهل الكتاب الناكرون رسالته.
إذا فلا شك أن آية الشك لا تعني أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحق شك فيما أنزل إليه ، وإنما هو مجاراة مع الشاكين ليزيل شكهم عن بكرته ، فحتى لو كان المنزل إليه في شك مما أنزل إليه لكان الكتاب وقارئوه شاهدين على بتّه بحقه ، ولا تعني الشرطية بيان أنها وقعت أم لم تقع ، وإنما تتكفل بيان واقع الملازمة ، إن كان كذا كان كذا ، ولكنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يشك ولم يسأل ، فعلى من يشك أن يسأل ، تدليلا على أنه لو سقط إيمان الرسول بوحي القرآن ولن ، فلن يسقط وحي القرآن عن واقعه لمكان برهانه القاطع الذي لا مردّ له حتى من الذين يقرءون الكتاب وهم له ناكرون.