فقط ما يعنيه الناكرون لهذه الرسالة السامية من شك في كون القرآن وحيا يستقل عن سائر الوحي ، مهيمنا على ما بين يديه من كتاب ، حيث يقول قائلهم إن القرآن نسخة عربية من الكتاب الإمام : التوراة ، فإن كنت في شك منه فأسأل علماء الكتاب الذين علّموك إياه!.
فقد تعني كلّ شاك في وحيه ، أم في البشارات الكتابية به ، أم في استقلاله عن سائر الوحي ، فليقسه إلى سائر الوحي ليتبين له أنه فائق عليه.
أم تعني الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مجاراة مع الشاكين في أيّ من هذه ، مدلا إلى ما يزيح أي شك فيه ، وأخيرا (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) فهل هو بعد يستعلم أهل الكتاب عن أنه نسخة عربية عن الكتاب الإمام؟ فليكن النص إذا : لقد جاءك الحق من الذين أوتوا الكتاب من قبلك ، دون «ربك»!.
وكيف يشك؟ وقد (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ)! (٢ : ٢٨٥) أم كيف يثبت بهذه الشرطية شك للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أيا كان ، والشرطية لا تحتّم مدخولها كما (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٣٩ : ٦٥) فهل هو أشرك ، فإنما تأتي الشرطية لتحلّق على أي شاك ولو كان هو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولن ، ولكي يعلن أن القرآن بنفسه وبشهادة الذين يقرءون الكتاب ، أنه وحي صارم لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه.
وهنا (مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) و (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) وما أشبه ، دليل قاطع لا مرد له على أنه ليس نسخة عن أي كتاب ، بل هو وحي فذّ لا ريب فيه من رب العالمين.
وقد تعني «إن» نفي الشك لكونها نافية «فسأل ..» حيث هم يعترفون لك بنفي الشك.
إذا فآية الشك هذه هي من عساكر البراهين التي تزيل أي شك حول وحي القرآن ، الفذ ، ثم «وإن كنت في شك» بين محتملاتها ، لو عنت