خَلْفَها) : المستقلبين ، ممن سلكوا سبيلهم ـ حيث تنكلهم : تقيدهم عما يشتهون ، وكذلك نكالا للحياة الحاضرة الأولى والمستقبلة الأخرى ، (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) الذين يتقون طيب أنفسهم ، أن تقيدهم وتنكلهم تقواهم عن طغواهم ، فليست القردة الخاسئة لهم نكالا ، وانما هي موعظة بها يتعظون.
ان هذا التطور القاصد : تحويل الخاطئين الى قردة خاسئين ، يضم إلى زاويتيهما لجمعي الطاغين والمتقين ، ثالثة هي اللعنة عليهم يوم الدنيا ويوم الدين : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٤ : ٤٧).
هذا الاعتداء السافر الماكر بعد ما (قُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٤ : ١٥٤) وإنما جعل عليهم بما اختلفوا في ابراهيم بلاء وامتحانا وحرمانا مؤقتا : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) (ابراهيم) (١٦ : ١٢٤).
والسبت لغويا هو القطع كما (جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) : قطعا لحركات التعب ونهضات النصب ، كذلك جعل السبت على الذين هادوا حكما رابعا من النواميس العشرة التوراتية (الخروج ٢٠ : ٨) وهو حكم ثابت في الشريعة التوراتية حتى جاء الإسلام ونسخه إلى الجمعة ، وكما ليس لنا تحويل الجمعة بفرضها وأحكامها إلى غيرها ، كذلك السبت ثابت طوال الزمن التوراتي.
فمن الهراء قولة المسيحيين : (لنا تغيير السبت إلى يوم الأحد لأن المراد منه الانقطاع إلى عبادة الله في كل سبعة واحدة ، سواء السبت او الأحد أم ماذا) لذلك يسمى النصارى الأحد سبت المسيحية لأنه اليوم الذي قام فيه