صفات المتقين (١).
هذا شطر من صفات المتقين يفتتح به القرآن كأفضل ما به يتصفون ثم تقابلهم صفات الكافرين الذين لا يؤمنون بما ينذرون :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦).
الكفر هو ستر الشيء ، ويوصف الليل بالكافرة لسترها الأشياء بظلامها ، والزارع بالكافر لستره البذر بالتراب ، ويوصف غير المؤمنين والمتقين بالكفار إذ رانت قلوبهم عن مشاهدة الحق ، وسدّت نوافذها وأغلقت عن الايمان بغيب الحق وشهادته ، وقطعت وشائجها عن تصديقه.
وترى إن الذين كفروا هنا هل هم الكافرون أجمعون؟ وهم أضراب ، وليس الإنذار وعدمه سواء عليهم كلهم!.
كلّا إنها لا تعني مطلق الكفر حيث الكثير منهم يؤمنون ، من مشرك او كتابي ام ماذا؟ وإنما الكفر المطلق المازج عقولهم ، الضائقة به صدورهم ، المقلوبة قلوبهم ، المنحرفة أفكارهم ، والخاطئة حواسهم ، فهم في غيّهم يترددون ، وفي عيّهم يعمهون : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ
__________________
(١) (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٧ : ٨) وهي موازين التقوى (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ... فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٧ : ١٥٧) (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥٩ : ٩) (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٩ : ٨٨) (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٣ : ١٠٤).