ولعل أخذ ما أوتوا بقوة هو أخذ التصميم بالإيمان كما وأن ذكر ما فيه وسمعه هو الإرادة القلبية عن بصيرة ويقين ، وهذا كله تقوى باطنية ، ف (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تعني التقوى الظاهرية حيث تترجى على أثر التقوى الباطنية ، ولكلّ وجه والجمع أوجه.
و (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) تشمل الغابرين حيث (قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا) وكذلك الحاضرين زمن الخطاب حيث كانوا تاركين التوراة كالغابرين ، مهما لم يكونوا قائلين قولتهم : (سَمِعْنا وَعَصَيْنا) او قالوها ، فإنما العبرة بالتطبيق المفقود هنا وهناك على سواء ، فتراهم يمارسون تحريف التوراة لفظيا ومعنويا وعمليّا ، عائشين مثلث التحريف والتجديف ، في وهدة التهريف وحدّة التزييف! حيث تعنيها كلها : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ).
ومن فضل الله عليهم أن لم يسحقهم بوقعة الجبل بعد ما عصوا (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) المعدمين بسحق آباءكم العاصين!.
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٦٦).
.. هنا اعتداء في السبت عمليا تحت ستار ماكر يخادعون الله فيه ، إذ لم يسبتوا عن العمل والصيد يوم سبتهم متظاهرين أنهم سبتوا بما مكروا في خدعة شرعية! هازئة بحكم الله : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ... فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٧ : ١٦٦).
فكوّنهم بما اعتدوا قردة خاسئين (نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها) الحاضرين (وَما