ثم وأخيرا وبعد كافة التدقيقات تجدها وفيها اختلافات او اختلاقات! ولكنما القرآن النازل طوال ثلاث وعشرين سنة في تضاد الحالات وتناقضاتها لا تجد فيه ايّ اختلاف (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) لا قليلا ، حيث القلة القليلة من العلم ينتج الاختلاف الكثير ، وليس في القرآن اي اختلاف ، من كثير ولا قليل.
لا اختلافا في فصاحة العبارة وبلاغة التعبير ، فان آيه منسقة على نسق واحد لا اختلاف فيه ولا اختلال ، ولا فيما يحمله من معاني في مختلف الحقول ، مما تراه واضحا عند ما تتدبر اعمال اديب او مفكر او فنان او سياسي او اقتصادي او اخلاقي او اجتماعي او عسكري او ايّا كان.
ولكنما القرآن مع ما يحمل من منهج التنظيم للنشاط الإنساني فرادى ومجتمعات ، بشتى الملابسات التي تطرأ في الحياة ، ومنهج التقويم للإدراك البشري ، ومنهج التنسيق بين الإنسان جملة وتفصيلا في جميع أجياله ومستوياته وأحواله ، وبين هذا الكون الذي يعيش فيه ، ثم بين دنياه وأخراه وثم وثم ... تجد فيها كلها تلائما ووئاما تاما دون ايّ اختلاف.
فما من مذهب بشري او نظرية إلّا وهو يحمل الطابع المتفاوت ، جزئية النظرية والرؤية ، والتأثر الوقتي بالمشاكل الوقتية ، وعدم الحيطة بالتناقضات التي تؤدي الى الاصطدام بين مكوناتها ، والى مئات المئات من التضادات الناشئة من طبيعة الكائن المحدود غير الإلهي (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً).
إن القرآن منهج حياة ، متوفرة فيه نواميس البشرية في كافة أحوالها وأطوارها ، يعالج النفس المفردة ، والأفراد المتشابكة ، والمجتمعات الشائكة المتعاركة ، كل ذلك بالقوانين الملائمة للفطرة ، والواقع ، ومتطلبات الحياة