كَثِيراً) (٤ : ٨٢).
فالتدبر في مجموعة هو جعل بعضه دبر بعض بغية إنتاج معاني جمعية وجامعة اضافة الى مفردات ، فالتدبر في القرآن حقه باستنطاق بعضه ببعض وتدليل بعضه على بعض يسفر عن كمال التلاؤم والوئام بين آياته البينات دون أيّ اختلاف ، لا في آياته مع بعض ، ولا فيه مع الواقع ، ولا متطلبات الفطرة والحياة ، ولا في ألفاظه فصاحة وبلاغة ووزنا ، فأبواب الاختلاف السبعة الجهنمية مغلقة على القرآن! حيث التعبير فيه منقطع النظير لا يتفاوت فصاحة وبلاغة ووزنا ولا معنى ، رغم تفاوت الحالات في نزوله نجوما سورا وآيات ، في العهد المكي المغلوب المضايق ، والعهد المدني الغالب المضايق ، في الحرب وفي الصلح ، وفي متضادة الحالات ، نرى آياته البينات في تناسق مطلق شامل كامل ، في كافة المجالات التي جالت فيها ، وكافة الحقول التي قالت كلمتها فيها.
فظاهرة عدم الاختلاف ، والثبات ، هي الطابع الإلهية لكلامه المجيد ، الذي لا يوجد في اي كلام من اي متكلم ، حيث الخلق ايّا كان متحول متكامل دون أي ثبات أو وقفة ، نازلا وصاعدا أم ماذا ، فحالة التغير باستمرار ، لزام الكائنات غير الإلهية مهما كانت في قمم الكمال كأنبياء الله!
فالاختلاف المستمر الدائم من حال الى حال ، من باطل الى صحيح والى أصح ، من مستوى الى مستوى ، ولا سيما في ردح طائل من الزمن ، هذا الاختلاف هو لزام الكائن غير الإلهي أيا كان ، حيث لا يحيطون بكل شيء علما ، وهو بكل شيء محيط ، فترى من عباقرة الفكر في مختلف الحقول العلمية من يؤلفون كتبا علمية طوال زمن ، فيها اختلافات حسب الحالات والبيآت التي يعيشونها ، والتجربيات والتفكيرات المتواصلة التي يعملونها ،