لذاتها برعت وشعّت! متجلية ببهجة القدرة ، متحلية بخالص العزة ، تجمع السلاسة الى الرصانة ، والسلامة الى المتانة ، ولا تحسبنها آية او آيات عدة ، فانها كلها او جلّها لو فتحت النظر وأجليت البصر ، ففيها من خمس وما زاد ، الى عشر ويزيد ، فخذ عشرا من «حم. تنزيل الكتاب ـ ١ ـ من الله ـ ٢ ـ العزيز ـ ٣ ـ الحكيم ـ ٤ ـ غافر الذنب ـ ٥ ـ وقابل التوب ـ ٦ ـ شديد العقاب ـ ٧ ـ ذي الطول ـ ٨ ـ لا إله إلا هو ـ ٩ ـ اليه المصير ـ ١٠ ـ»! تصلح كل واحدة عنوانا لخطبة ، ومدارا للبحث كراسا ذا الطّول بقصر ام طول!
ثم ترى القرآن في أعلى قمم الفصاحة والبلاغة لا في حقل واحد ، رغم احوال البلغاء المختلفة غير المؤتلفة ، فامرؤ القيس بليغ إذا ركب ، والنابغة إذا رهب ، والأعشى إذا طرب ، وزهيرا إذا رغب! والقرآن بليغ حيثما كان!.
أيها المدعي معارضة الفصاحة القرآنية او بلاغته ، الذين عارضوا القرآن وهم يعيشون وحيه كانوا اسعد منك في البلاغة ، واروى في العربية زندا واكثر مراسا وأقوى أمراسا فإنهم أصلها الأصيل ، ثم هم أشد على القرآن عداوة واعمق نكاية ، إذ حادهم وتحداهم ، عاب آلتهم وسفّه أحلامهم ، ونكس اعلامهم ، وكسر أصنامهم ، وفعل بهم الأفاعيل وجاءهم بالاهاويل ، وهم على ما هم لما سمعوه طاشت ألبابهم وتقطعت أسبابهم ومزقوا معلقاتهم ، وافتضح من عارضه لحد أنكرها وحمّلها على غيره.
٢ ـ عدم الاختلاف فيه :
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً