شعر لبيد بن ربيعة وحسان بن ثابت لما أسلما ، والقرآن كله صدق! وفصاحة الكلام ـ ولا سيما الطويل المتجول في مختلف الحقول ـ لا تتفق إلّا في بعض دون بعض ، والقرآن كله في قمة الفصاحة!
ومن طبيعة الكلام مهما كان فصيحا أنه يبلى على التكرار والترداد ، والقرآن لا يبلى على ترداده ، بل يزهر ويبهر اكثر واكثر.
ومنها وحتى في الأشعار مختصة ببعض المجالات دون اخرى ، والقرآن زاهر في كافة المجالات!
ومن نضارة الكلام وطراوته أن ينحو منحى الزهوات والشهوات والوعود الفارغة ، والقرآن مقتصر على إيجاب عبادات ، وتحريم حرمات والحث على ترك مشتهيات ، وأسر أهواء ، وسلب حريات ، وهو مع ذلك في أرفع قمم الفصاحة والنضارة.
فالتعبير القرآني من ناحية الأداء وطرائقه الفنية وحتى في موسيقاه ، إنه طريق عاقم غير مسلوك ، حتى ولأنبياء الله ، فكيف بسائر الناس مهما بلغوا مبالغ الأدب في التعبير ، فهي طريقة خاصة بالقرآن نفسه ، لا تضاهيها وحتى سائر كتابات السماء ، فان الله ما أراد في سائر كلامه ما اراده في القرآن من صيغة معجزة خالدة ، ولكي تتم حجته فيه ، ويطمّ ربوبية العبارة والتعبير على مرّ الدهور.
فمن ذا الذي يجرأ على محاولة او خيالها واحتيالها لمعارضة القرآن ، وحتى في هذه الناحية التعبيرية ، اللهم إلّا من سامح عن عقله ، وغره غروره وفضح نفسه ، كمسيلمة الكذاب حيث عارض سورة الفيل : بتقوّله الخواء الخيلاء : «الفيل ما الفيل وما ادراك ما الفيل له ذنب وبيل وخرطوم طويل» كما ويخاطب سجاح النبية : «فنولجه فيكن ايلاجا ونخرجه منكن