وأمّا ما دلّ على أنّ الإمامة في ولد الحسين عليهالسلام إلى يوم القيامة فلا ينافي الرجعة على جملة من الوجوه السابقة ، مع احتمال حمل القيامة على ما يشمل الرجعة كما مرّ ، واحتمال استثناء مدّة الرجعة بدليل خاصّ قد تقدّم ، ومعلوم أنّه يمكن الاستثناء من هذه المدّة ، ولا تناقض أصلاً ؛ لأنّها تدلّ على شمول أجزائها بطريق العموم ، وهو قابل للتخصيص.
ألا ترى أنّه يجوز أن يقال : يجب الصوم في شهر رمضان من أوّله إلى آخره إلاّ الليل ، ويجوز صوم ذي الحجّة من أوّله إلى آخره إلا العيد وأيّام التشريق ، وقولهم عليهمالسلام : « الإمام واحد دهره » (١) محمول إمّا على ما عدا مدّة الرجعة ، فإنّه يوجد فيها من يماثله (٢) وليس من رعيّته ، أو على إرادة تفضيله على جميع رعيّته بقرينة قوله عليهالسلام : « لا يدانيه عالم » ، فإنّ جبرئيل أعلم منه ومن الأنبياء ، ولا أقلّ من المساواة ، فإنّ علمهم وصل إليهم بواسطته ، فكيف يصدق أنّه لا يدانيه عالم ، والحاصل أنّه ظاهر لا نصّ ، فهو محتمل للتخصيص والتقييد وغيرهما ، وعموم رئاسة الإمام ليس عليها دليل (٣) قطعي ؛ لأنّهم قد تعدّدوا في الاُمم السابقة ، والظواهر لا تمنع من العمل بمعارضها الخاصّ لو ثبت التعارض ، فإنّ أدلّة الرجعة خاصّة ، والخاصّ مقدّم على العام ، والعجب ممّن يأتي تخصيص العام وينكر تقييد المطلق ، ويجترئ على ردّ الدليل الخاصّ ، أو تأويل بعضه وردّ الباقي ، ويقدّم ما يحتمل التأويل على ما لا يحتمله ، مع أنّ أحاديث الرجعة كما عرفت ليس لها معارض صريح.
__________________
١ ـ أورده الكليني في الكافي ١ : ٢٠١ ، والصدوق في عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٩٧ ، والأمالي : ٧٧٦ ، وكمال الدين : ٦٧٨ ومعاني الأخبار : ٩٨ ، والنعماني في الغيبة : ٢٢٠.
٢ ـ في « ح ، ش ، ك » : مماثله.
٣ ـ في « ح ، ك » زيادة : عقلي. وفي « ط » بدل القطعي : عقلي.