وسيأتيك أمري ان شاء الله ، فأنزل الله تعالى (١) «وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ» قال : فأحل الله عزوجل هبة المرأة نفسها لرسول الله صلىاللهعليهوآله ولا يحل ذلك لغيره».
وأنت خبير بأن الظاهر أنه بعد نزول الآية على أثر هذه الواقعة ، نكح النبي صلىاللهعليهوآله المرأة ، ولا إيجاب هنا ولا قبول ، غير ما تقدم نقله عن المرأة من هبتها نفسها له ورضاه صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك.
الثالث من القسم المذكور : وجوب تخييره النساء بين إرادته ومفارقته ، لقوله عزوجل (٢) «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً ـ إلى قوله ـ أَجْراً عَظِيماً».
قال في المسالك : وهذا التخيير عند العامة القائلين بوقوع الطلاق بالكناية كناية عن الطلاق ، وبعضهم على أنه صريح فيه ، وعندنا ليس له حكم بنفسه ، بل ظاهر الآية أن من اختارت الحياة الدنيا وزينتها يطلقها لقوله تعالى «إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً» انتهى.
أقول : قال الثقة الجليل علي بن إبراهيم في تفسيره (٣) : وأما قوله عزوجل «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها ـ إلى قوله ـ أَجْراً عَظِيماً» فإنه كان سبب نزولها أنه لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من غزوة خيبر وأصاب كنز آل أبي الحقيق ، قلن أزواجه : أعطنا ما أصبت ، فقال لهن رسول الله صلىاللهعليهوآله : قسمته بين المسلمين على ما أمر الله ، فغضبن من ذلك وقلن : لعلك ترى أنك إن طلقتنا أن لا نجد الأكفاء من قومنا يتزوجونا ، فأنف الله لرسول الله صلىاللهعليهوآله فأمره أن يعتزلهن فاعتزلهن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مشربة أم إبراهيم تسعة وعشرين يوما ، حتى حضن وطهرن ، ثم أنزل الله هذه الآية وهي آية التخيير ، فقال
__________________
(١ و ٢) سورة الأحزاب ـ آية ٤٩ و ٢٨.
(٣) تفسير القمي ج ٢ ص ١٩٢ ط النجف الأشرف.