ذلك ، ويمكن منع دلالته عليه لجواز إرادة الإباحة ، فإنها بعض مستعملاته. حيث لا يراد به الوجوب ، كقوله تعالى (١) «وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا» ، انتهى.
أقول : ما ادعاه (قدسسره) من وجود الأمر بالنظر في الأخبار ، لا أعرف له وجها ، فإن غاية ما اشتملت عليه بأجمعها هو السؤال عن النظر ، والجواب بنفي البأس ، وليس في شيء منها على تعددها ما يدل على الأمر بالنظر (٢) كما ادعاه ، ومقتضي ما اشتملت عليه مما ذكرناه. إنما هو الجواز كما ينادي به نفي البأس ، بمعنى أنه يباح له ذلك ، ولا يكون محرما.
الرابع : قال في المسالك : اعلم أنه سيأتي جواز النظر إلى وجه المرأة الأجنبية وكفيها في الجملة ، فالواجب الاقتصار هنا على هذا القدر ، بقي الفرق بينها وبين الأجنبية وهو من وجوه :
الأول : أن جوازه في الأجنبية موضع خلاف ، وهنا موضع وفاق.
الثاني : أنه في الأجنبية مشروط بعدم خوف الفتنة ، وهنا لا يشترط ، لأنه يريد التزويج ، اللهم إلا أن يخافها قبل وقوع العقد ، وفي التذكرة أطلق الجواز مع خوف الفتنة وبدونها ، معللا بأن الغرض إرادة النكاح ومقتضاه أن ذلك ، مناف للفتنة.
الثالث : أنه في الأجنبية مقصور على أول نظرة فلا يجوز التكرار وهنا يجوز.
الرابع : أنه في الأجنبية مكروه وهنا لا كراهة إن لم يكن مستحبا ، انتهى.
__________________
(١) سورة المائدة ـ آية ٢.
(٢) غير خفي أن رواية يونس بن يعقوب قد ورد فيها لفظ الأمر صريحا لانه قال في الجواب : تحتجز ، ثم لتقعد فليدخل فلينظر ، فكيف يقول رحمهالله ليس في شيء منها ، على تعددها ما يدل على الأمر بالنظر ، لا يقال : ليس فيه أمر استحبابي ، وهذا ليس كذلك ، قلنا كونه للاستحباب هنا ، غير خفي على المنصف ويمكن أن يراد في الاخبار الصحيحة ، وهذه ليست كذلك وفيه بعد من العبارة. (منه ـ رحمهالله).