إذ صيغة كل واحد منهما مخالفة للأخرى ، وفيه تردد ، إذ مرجعه إلى أنهما شهدا في وقتين ، أما لو عدلا من حكاية لفظ الموكل واقتصرا على إيراد المعنى جاز ، وان اختلفت عبارتهما ، انتهى.
أقول : الظاهر أن القول الأول هو الأنسب بالقواعد والأصول ، والأقرب عند التأمل في هذه النقول ، لما تقدم في كلام التذكرة ، وتوضيحه أن الصيغة الواقعة في أحد اليومين غير الواقعة في اليوم الآخر ، وكل واحدة من الصيغتين المذكورتين لم يقم عليها شاهدان ، بل شاهد واحد ، وقول المحقق هنا في تعليل ما ادعاه من الصحة ، نظرا إلى العادة في الإشهاد الى آخره لا معنى له ، الا أن يحمل الاشهاد في اليوم الثاني على الإقرار ، لا على التوكيل ، وهو خارج عن محل البحث والمدعى ، لأن الصيغة متى حصلت في اليوم الأول فقد تم العقد بها ، وما تأخر انما يكون إقرارا واعترافا بها ، والمدعى انما هو الشهادة على الوكالة وانها هل تثبت مع اختلاف التاريخ أم لا؟ لا الإقرار ، فيكون كلامه خروجا عن محل البحث ان حمل على إرادة الإقرار ، والا فهو لا معنى له بالكلية لما عرفت ، والفرق بين الشهادة على التوكيل والشهادة على الإقرار في أنه تصح الشهادة في الثاني مع الاختلاف في التاريخ ونحوه مما تقدم ، دون الأول ، أن الوكالة إنشاء لا خارج له يقصد مطابقته ، والإقرار له خارج نفس أمري يقصد بالأخبار مطابقته ، ولا يلزم من تعدد الخبر تعدد الخارج ، فإن الإنسان يفعل فعلا ، ويخبر بذلك الفعل مرارا متعددة في أوقات متعددة بألفاظ مختلفة أو متحدة ، والأمر الخارج لا دخل له في ذلك ، ولا يتعلق به تعدد ، ولا اختلاف بتعدد الاخبار واختلافه. بخلاف الوكالة التي هي إنشاء لا واقع له يقصد مطابقته ، فان تعدد زمانه ومكانه واختلاف صيغته توجب اختلافه ، ومع هذا الاختلاف فإنه لم يقم البينة الشرعية ، وهي العدلان على فرد من هذه الأفراد المختلفة ، بل انما قام بها شاهد واحد ، كما هو المفروض ، ومن أجل ذلك يثبت الإقرار مع الاختلاف دون الوكالة.