وما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه ، ولو ان رجلا حمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا.
وما رواه العياشي في تفسيره (١) «عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سئلته عن قول الله : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ، قال ليس تلك الزكاة ولكنه الرجل يتصدق لنفسه الزكاة علانية ليس بسر».
ومن هذه الأخبار يظهر تخصيص الآية وما في معناها من الأخبار بالصدقة المندوبة ، ويظهر ضعف القول بالعموم ، واما ما ذكروه من استحباب الإظهار في المندوبة لدفع التهمة عن نفسه بترك المواساة ، وكذا ما ذكره في المسالك من استحباب الإظهار أيضا لمتابعة الناس له في ذلك واقتدائهم به لما فيه من التحريص على نفع الفقراء فلم أقف فيه على دليل ، وإطلاق هذه الأخبار يدفعه ، وتخصيصها بهذه التعليلات العقلية غير مقول ، وعلل الإخفاء والاستتار في المندوبة بأنه أبعد من تطرق الرياء ، ولا بأس به بان يجعل وجها لما دلت عليه النصوص ، نعم ما ذكروه من استحباب الإعلان في الصورتين المذكورتين جيد في الواجبة التي يستحب الإعلان بها ، ويكون ذلك وجها للنصوص الدالة على الإعلان فيها ، والله العالم.
المقصد الثالث في الحبس والسكنى والرقبى والعمرى :
اعلم أن انتقال المنفعة إلى الغير إما على وجه اللزوم أم لا ، والثاني في العارية والأول اما مع خروج العين عن الملك أم لا ، والأول الوقف ، والثاني إما بعوض أم لا ، والأول الإجارة ، والثاني العمرى التي هي محل البحث هنا ، ومنه يظهر أن ثمرتها هو التسليط على المنفعة مجانا مع بقاء الملك لمالكه.
ثم أنه ينبغي أن يعلم أن الاختلاف في هذه الألفاظ اعتباري بحسب اختلاف ما تضاف ، والمرجع إلى أمر واحد ، فإذا قرنت بالإسكان قيل سكنى ، وإذا قرنت
__________________
(١) تفسير العياشي ج ١ ص ١٥١ ح ٤٩٩ ، الوسائل ج ٦ ص ٢١٦ ح ٩.