الوقف القربة أم لا؟ قد عرفت من كلام الشيخ المفيد وابن إدريس القول بذلك ، ونحوهما الشيخ في النهاية ، حيث قال : والوقف والصدقة شيء واحد ، ولا يصح شيء منهما إلا بعد ما يتقرب به الى الله تعالى ، وان لم يقصد بذلك وجه الله لم يصح الوقف.
وأما في المبسوط فلم يتعرض لذلك بنفي ولا إثبات ، وظاهر كلام شيخنا الشهيد الثاني في المسالك العدم ، كما يشير اليه كلامه المتقدم في هذه المسئلة وقال في المفاتيح وفي اشتراط نية القربة قولان ، والأصح العدم ، لعدم دليل عليه بل العمومات تنفيه ، نعم حصول الثواب يتوقف عليه.
أقول : ويدل على ما ذكره المتقدمون من الاشتراط ما رواه في الكافي والتهذيب في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج (١) قال : بعث الي أبو الحسن موسى عليهالسلام بوصية أمير المؤمنين عليهالسلام وهي : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به وقضى به في ماله عبد الله علي ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ، ويصرفني به عن النار ، ويصرف النار عني يوم تبيض وجوه وتسود وجوه أن ما كان لي من مال ينبع من مال يعرف لي فيها وما حولها صدقة ، وما كان لي بوادي القرى صدقة ، وما كان لي بديمة وأهلها صدقة ، وما كان لي بأذنية وأهلها صدقة ، في سبيل الله ، الى أن قال : هذه صدقة واجبة بتلة حيا أنا أو ميتا ينفق في كل نفقة يبتغي بها وجه الله في سبيل الله ، وذوي الرحم من بنى هاشم وبنى المطلب الى أن قال : ولا يباع منه شيء ولا يوهب ولا يورث». الحديث وما نقلناه ملخص الخبر فإنه طويل ، وهو كما ترى وقف مشتمل على التقرب.
ومثله ما روى من وقف الكاظم عليهالسلام (٢) وقد تقدم ذكرها في الموضع الثاني
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٤٩ ح ٧ ، التهذيب ج ٩ ص ١٤٦ ح ٥٥ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣١٢ ح ٤.
(٢) الكافي ج ٧ ص ٥٣ ح ٨ ، التهذيب ج ٩ ص ١٤٩ ح ٥٧ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣١٤ ح ٥.