ومنها أن يتوكل المسلم للذمي على المسلم ، وظاهر الخلاف المنع منه ، وكذا في النهاية ، وهو ظاهر الشيخ المفيد أيضا ، ومنع أبو الصلاح من ذلك ، وصرح ابن إدريس والعلامة في المختلف بالجواز ، قال في المختلف : لنا الأصل الدال على الجواز السالم عن المعارضة بإثبات السبيل للكافر على المسلم.
ومنها توكيل الحاضر في الخصومة من غير أن يلزمه الحضور ، رضي خصمه بذلك أم لا ، والمشهور الجواز ، وذهب ابن الجنيد إلى أنه مع حضوره لا يجوز إلا أن يرضى الخصم بمخاصمة وكيل خصمه.
ومنها أيضا قبض الزكاة والخمس ، فهل يجوز للفقير والسيد التوكيل في قبض ذلك له ممن عليه ذلك ، قولان : الجواز وهو قول المبسوط ، والمختلف والتذكرة ، والمنع وهو قول ابن إدريس ، وابن البراج ، إما إخراجهما فلا خلاف نصا وفتوى في ذلك.
قال ابن إدريس : قال بعض أصحابنا يجوز من أهل السهمين التوكيل في قبضها ، وقال ابن البراج : لا يجوز ، وهو الذي يقوى في نفسي ، لأنه لا دلالة عليه ، فمن ادعى ذلك فقد أثبت حكما شرعيا يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ولا دلالة ، وأيضا فالذمة مرتهنة بالزكاة ، ولا خلاف بين الأمة ان دفعها الى مستحقها يبرء الذمة بيقين ، وليس كذلك إذا سلمه الى الوكيل ، لأن الوكيل ليس هو من الأصناف الثمانية بغير خلاف ، لأن الزكاة والخمس لا يستحقهما واحد بعينه ، ولا يملكهما إلا بعد قبضه لهما ، فتعين له ملكهما ، والوكيل لا يستحق إلا ما تعين ملكه للموكل ، واستحق المطالبة به ، وكل واحد من أهل الزكاة والخمس لا يستحق المطالبة بالمال ، لأن الإنسان مخير في وضعه فيه ، أو في غيره ، فلا يجبر على تسليمه اليه ، انتهى.
واستدل في المختلف على ما ذهب اليه من الجواز ، فقال لنا : أنه عمل مباح يقبل النيابة ، فصحت الوكالة فيه ، أما إباحته فلا شك فيه ، وأما قبوله