ولم يكن أشهد عليها ولا أمر بها ، فإن الورثة بالخيار بين العمل بها وبين ردها وإبطالها ، فإن عملوا بشيء منها لزمهم العمل بها جميعا ، على ما روى في بعض الأخبار وأورده شيخنا أبو جعفر في نهايته ، والذي يقتضيه أصول مذهبنا أنهم إذا أقروا بشيء منها وقالوا به ، وقالوا : ان هذا حسب صحيح أوصى به دون ما عداه مما في هذا المكتوب ، فإنه لا يلزم العمل بجميع ما في المكتوب إلا بما أقروا به دون ما عداه ، وانما هذه رواية وخبر واحد أورده الشيخ إيرادا ، وقد بينا أن أخبار الآحاد لا يجوز العمل بها في الشرعيات ، انتهى.
أقول والذي وقفت عليه في الاخبار مما يتعلق بهذه المسئلة هو ما رواه الصدوق (قدس الله روحه) عن إبراهيم بن محمد الهمداني (١) قال : «كتبت الى أبى الحسن عليهالسلام : رجل كتب كتابا بخطه ولم يقل لورثته هذه وصيتي ولم يقل انى قد أوصيت ، إلا أنه كتب كتابا فيه ما أراد أن يوصى به ، هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطه ولم يأمرهم بذلك؟ فكتب عليهالسلام : ان كان له ولد ، ينفذون كل شيء يجدون في كتاب أبيهم في وجه البر أو غيره». ورواها الشيخ في التهذيب أيضا الا أنه قد سقط من قلمه ما بين كتاب الأول الى كتاب الثاني ، والأقرب من سقط قلمه كما وقع له أمثال ذلك مما لا يحصى في متون الأخبار وأسانيدها ، وقد قدمنا التنبيه عليه في جملة من مواضع كتب العبادات.
وأنت خبير بأن الرواية المذكورة ظاهرة في وجوب تنفيذ ما يجدونه في وصيته بخطه بخلاف ما ذكره الأصحاب من منع ذلك ، وتخصيص الجواز بحال الضرورة وعدم إمكان التلفظ.
وأما ما ذكره الشيخ في النهاية من أن الورثة بالخيار بين العمل بها إذا كانت كذلك ، وبين ردها وابطالها ، وأنه مع اختيار العمل بشيء منها يلزمهم
__________________
(١) التهذيب ج ٩ ص ٢٤٢ ح ٩٣٦ مع اختلاف يسير ، الفقيه ج ٤ ص ١٤٦ ح ٥٠٧ ، الوسائل ج ١٣ ص ٤٣٧ ح ٢.