جانب الموصى له ، ولا في جانب وارثه ، والوارث انما تلقى الملك عن مورثه ، لا من حيث قبوله خاصة ، ومقتضى ما ذكروه من أن الموصى له مات قبل القبول أنه لم يحصل له الملك ، والملك انما حصل لوارثه من حيث قبوله ، فيكون الوارث قد ملك شيئا لم يملكه مورثه ، وهذا خلف ظاهر ، فان الوارث بالاتفاق إنما تلقى الملك من مورثه ، فكيف يملك هنا شيئا لم يملكه مورثه ، حتى أنهم يفرعون عليه عدم انعتاقه الولد ، لعدم دخوله في ملك الأب.
ثم انه أي حق للموصى له لو مات قبل القبول ليرثه وارثه ، فإنه إذا كان القبول عندهم شرطا في صحة الملك أو جزء السبب ولم يحصل ، فإنه لا يحصل الملك ، وبموجبه تبطل الوصية ، فليس هنا شيء يرثه الوارث بالكلية.
فإن قيل : انه بالوصية يملكه ملكا متزلزلا لا يستقر إلا بالقبول ، فلما مات الموصى له قبل القبول ورث الوارث ذلك الملك المتزلزل عنه ، وورث حق القبول الذي كان للموصى له ، فإذا قبل ذلك استقر الملك له.
قلنا : أما إرثه الملك المتزلزل فممكن ، وأما إرثه حق القبول ، فغير مسلم وقد تقدم ذلك في كلام شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ، كما قلناه في سابق هذه المسئلة في الجواب عن ذلك الدليل العقلي المذكور ثمة.
وبالجملة فإن مقتضى الأخبار التي ذكرناها انما هو انتقال الوصية الى الموصى له أولا ، وأنه يملكها ، وان اقترن الملك بين موت الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته كما تقدم ، ثم بعد موته ينتقل الى وارثه ، وحينئذ فيجب الحكم بانعتاق الولد في الصورة المفروضة ، وهذا من جملة ما يتفرع على الخلاف بين كلامهم ، وبين ما يظهر من الأخبار الجارية في هذا المضمار.
المسئلة السابعة : قد صرحوا بأن الوصية عقد جائز من طرف الموصي ما دام حيا ، سواء كانت الوصية بمال أو ولاية ، ويتحقق الرجوع بالتصريح ، وبفعل ما ينافي الوصية ، فلو باع ما أوصى به أو أوصى ببيعه أو وهبه وأقبضه ، أو رهنه كان ذلك رجوعا ، وكذا لو تصرف فيه تصرفا أخرجه عن مسماه.