بالشاهد واليمين ، كالعبد لو ادعى العتق ويحتمل عندي ثبوته بالشاهد واليمين ، وان لم ينتقل إليه ، لأنه يحلف لتحصيل غلته ومنفعته ، فلما كان المقصود من الوقف المنفعة ، وهي مال يثبت بالشاهد واليمين ، بخلاف حرية العبد ، لان المقصود منها تكميل الأحكام ، انتهى.
أقول : ما ذكره جيد فيما إذا كان الموقوف عليه معينا محصورا ، أما لو كان الموقوف عليه الجهة أو المصلحة كما هو مقتضى القول بالتفصيل الذي شرحناه ، فإشكال لما عرفت من أن غلة الوقف هنا لا مالك لها معينا ، ليقيم الشاهد ، ويحلف معه ، سيما إذا كان الوقف لمسجد ونحوه ، والقيم لا تعلق له بذلك الا من حيث صرف الغلة وحفظ الأصول ونحو ذلك ، ولأنه غير مالك للغلة ، إذ هو غير داخل في الموقوف عليه ، والله العالم.
الثاني : قالوا : لو أعتق العبد الموقوف عليه لم يصح ، لتعلق حق البطون به قيل : في توجيهه لما كان الحكم بانتقال الملك الى الموقوف عليه ربما أوهم جواز تصرفه في العين بالعتق وغيره ، والأمر ليس كذلك ، نبهوا على منعه أيضا ، وعللوا بأنه وان كان مالكا الا أن الحق غير منحصر فيه ، بل مشتركا بينه وبين ما بعده من البطون ، وان لم تكن موجودة بالفعل ، فتصرفه فيه بالعتق يبطل حقهم.
أقول : لا يخفى أن الأخبار قد تكاثرت بأن الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث بعد أنه عقد صيغة الوقف ، والانتقال عن الواقف يجب إبقاؤه على حاله ، لا يتصرف فيه بما يوجب النقل بأي وجه كان ، وهذه الألفاظ إنما خرجت مخرج التمثيل ، والمراد إنما هو ما ذكرناه كما يشير اليه قول أمير المؤمنين عليهالسلام فيما تقدم قريبا «وأن يجعل المال على أصوله ، وينفق الثمرة حيث أمره ، الى أن قال : لا يباع منه شيء ولا يوهب ، ولا يورث وفي آخر لاتباع ولا تورث ، ولا توهب ، فمن باعها أو وهبها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
وفي ثالث لاتباع ولا توهب حتى يرثها وارث السموات والأرض.