والقول في الأول بالمنع مطلقا ، والخلاف في الثاني بهذه الأقوال الأربعة ، فمحل هذه الأقوال عندهم إنما هو الذمي.
ويشير إلى ما ذكرنا أن المحقق في الشرائع قال : ولا يقف المسلم على الحربي وان كان رحما ، ويقف على الذمي وان كان أجنبيا ، وشيخنا الشهيد الثاني في الشرح نقل الأقوال الأربعة في الذمي ، ثم قال : واعلم أنه لم يرد في عبارات المتقدمين الا الوقف على الكافر غير المبسوط ، فإنه صرح بالذمي ، ولعل مرادهم ذلك يعنى لعل مراد الأصحاب بالكافر الذي أطلقوه وجعلوه محل البحث والخلاف في المسئلة هو الذمي ، دون الحربي.
واختار في المسالك المنع في الحربي مطلقا ، كما هو مذهب المصنف ، وظاهره أيضا الميل إلى قوله في الذمي ، حيث قال بعد نقل الأقوال الأربعة المتقدمة : وكيف كان فالقول بالمنع مطلقا ضعيف ، وقول المصنف لا يخلو من وجه.
إذا عرفت ذلك فاعلم أني لم أقف في النصوص على ما يدل على حكم الوقف على الكافر ذميا كان أو غيره ، ونسبة ابن إدريس في رده على الشيخ في النهاية ما ذكره في النهاية إلى أنه خبر واحد أورده الشيخ إيرادا لا اعتقادا ، ربما أشعر بوجود خبر بذلك ، الا أنه لم يصل إلينا كما عرفت.
نعم يبقى الكلام فيما ذكر من العمومات التي ذيلت بها الأقوال المتقدمة وهي أيضا غير خالية من الاشكال ، سيما الآيات المذكورة ، فإن الآية التي استدل بها على الجواز مطلقا ، ظاهرة في ذلك حتى قال أمين الإسلام الطبرسي ـ في تفسيرها من كتابه مجمع البيان على ما نقله عنه بعض الأعيان بعد كلام في البين ـ : والذي عليه الإجماع أن بر الرجل من يشاء من أهل الحرب قرابة كان أو غير قرابة ليس بمحرم ، وإنما الخلاف في إعطائهم مال الزكاة والفطرة والكفارات ، فلم يجوزه أصحابنا ، وفيه خلاف بين الفقهاء ، وهو كما ترى صريح في دعوى الإجماع على جواز برهم ، والوقف من جملة ذلك ، فالآية كما ترى دليل ظاهر