(وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) أي لا يتفكر المشركون وغيرهم فيما خلق الله في السموات من الأدلة والعبر الدالة على وحدانية الله وعظيم قدرته ، من الشمس والقمر وسائر الكواكب الثابتة والسيارة ، ليتعاقب الليل والنهار ، وتظهر المنافع بالحر والبرد ، وللإرشاد إلى الحساب القويم والترتيب العجيب الدال على الحكمة البالغة. وذلك كقوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها ، وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) [يوسف ١٢ / ١٠٥].
٦ ـ خلق الليل والنهار والشمس والقمر :
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) أي والله خلق الليل والنهار ، نعمة منه ، ودليلا على عظمة سلطانه ، بواسطة دوران الأرض حول نفسها ، لتتحقق الفائدة المرجوة من كليهما بالظلام والسكون ، والضياء والأنس ، والتفاوت في الطول والقصر أو التساوي بينهما في مدار السنة ، وخلق أيضا الشمس والقمر ، للإضاءة وإمداد الأحياء بحرارة الشمس ، وإفادة بعض المزروعات والثمار بضوء القمر ، وكل من الشمس والقمر والنجوم والأرض يدور في فلكه ، دوران المغزل في الفلكة ، فلا يدور المغزل إلا بالفلكة ، ولا الفلكة إلا بالمغزل ، كذلك الشمس والقمر والنجوم لا تدور إلا بالفلك ، ولا يدور إلا بهن ، كما قال تعالى : (فالِقُ الْإِصْباحِ ، وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ، ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [الأنعام ٦ / ٩٦]. وقوله : (يَسْبَحُونَ) بالجمع يشمل النجوم ، فهي وإن لم تكن مذكورة نصا فهي مذكورة ضمنا.
ودوران الشمس والقمر والأرض في الفضاء اللانهائي يثبته أيضا العلم الحديث ، مما يدل على أن هذا القرآن معجز للأبد ، دال على كونه وحيا صادرا منه ، وأنه النعمة الكبرى لبني الإنسان.