فقه الحياة أو الأحكام :
الآيات كما لاحظنا تتضمن أدلة كافية على وجود الإله الصانع الواحد الأحد ، المنزه عن الشريك والولد ، وهي أدلة تثير الإعجاب ، وتوحي باتصاف الموجد الخالق بالقدرة التامة ، والسلطان العظيم.
وقد عرفنا أنها أدلة ستة هي :
أولا ـ فتق السموات عن الأرض ، وجعل طبيعة خاصة لكل منهما ، فالأرض بهوائها ومائها تتناسب مع وجود الحياة الإنسانية والحيوانية والنباتية ، ومع ما يتطلبه الاستقرار والثبات عليها ، والسموات تتلاءم مع وجود المجرّات والكواكب والنجوم والشمس والقمر ، لنشر الحرارة ، وإلقاء الضوء ، والسموات سبع ، وكذا الأرض سبع.
وثانيا ـ جعل الماء سببا للحياة ، فالله تعالى خلق كل شيء من الماء ، وحفظ حياة كل شيء بالماء ، وأوجد الإنسان من ماء الصلب. روى أبو حاتم البستي في المسند الصحيح له عن أبي هريرة قال : قلت : يا رسول الله ، إذا رأيتك طابت نفسي ، وقرّت عيني ، أنبئني عن كل شيء ؛ قال : «كل شيء خلق من الماء». وما أروع لفت النظر بعد هذه الآية حين قال تعالى : (أَفَلا يُؤْمِنُونَ) أي أفلا يصدقون بما يشاهدون ، وأن ذلك لم يكن بنفسه ، بل لمكوّن كوّنه ، ومدبر أوجده ، ولا يجوز أن يكون ذلك المكوّن محدثا ، بل لا بدّ من أن يكون أزليا قديما ؛ لأن صفة الألوهية تقتضي عقلا عدم المشابهة للحوادث.
وثالثا ـ خلق الله الجبال رواسي أي جبالا ثوابت ، لتكون مثبتة للأرض ، حتى لا تتحرك بمن عليها ، وليتم القرار والاطمئنان عليها ، أو كراهية أن تميد ، والميد : التحرك والدوران.