٤ ـ إيجاد الطرق مسالك بين الجبال :
(وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) أي وخلقنا في الأرض بين الجبال طرقا واسعة نافذة ، يسلكها الناس بسهولة من مكان إلى آخر ، أو من قطر أو إقليم إلى آخر ، ليهتدوا بها إلى مقاصدهم ومصالحهم المعيشية في البلاد ، وقيل : ليهتدوا إلى وحدانية الله تعالى بالاستدلال. والفج : الطريق الواسع ، والسبيل : الطريق السالك. وقدمت الفجاج وهي صفة على السبل ، ولم تؤخر ، كما في قوله تعالى : (لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) [نوح ٧١ / ٢٠] لتجعل حالا ، والفرق من جهة المعنى أن قوله : (سُبُلاً فِجاجاً) إعلام بأنه جعل فيها طرقا واسعة ، وأما قوله : (فِجاجاً سُبُلاً) فهو إعلام بأنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة ، فهذه الآية بيان لما أبهم في الآية الأولى.
وقوله : (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) معناه : لكي يهتدوا ؛ إذ الشك لا يجوز على الله تعالى.
والضمير في قوله : (فِيها) عائد إلى الجبال ، أي وجعلنا في الجبال التي هي رواسي فجاجا سبلا ، أي طرقا واسعة ، وقيل : إنه عائد إلى الأرض ، أي وجعلنا في الأرض فجاجا وهي المسالك والطرق.
ـ جعل السماء سقفا للأرض :
(وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) أي وجعلنا السماء كالسقف على الأرض وكالقبة عليها ، وذلك السقف محفوظ من الوقوع والاضطراب ، ومن الشياطين التي تسترق السمع ، كما قال تعالى : (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [الحج ٢٢ / ٦٥] وقال : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) [الروم ٣٠ / ٢٥] وقال : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) [فاطر ٣٥ / ٤١]. وحفظها من الشياطين إما بالملائكة وإما بالنجوم.