أنبتت من كل صنف من النبات والزرع ، ذي منظر حسن وبهاء ورونق وطيب ريح ، لاختلاف ألوان الثمار والزروع ، وطعومها ، وروائحها ، وأشكالها ، ومنافعها ، فمن قدر على إحياء الأرض الميتة الهامدة التي لا ينبت فيها شيء ، قادر على إحياء الموتى. ونتائج ما ذكر هي الأمور الخمسة التالية :
١ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) أي ذلك المذكور الذي بينته لكم من خلق الإنسان والحيوان والنبات ، وانتقال كل مخلوق من حال إلى حال ، بسبب أن الله هو الحق الموجود الثابت الذي لا شك فيه ، ولا يحول ولا يزول ، الخالق المدبر الفعال لما يشاء. وأما ما عداه من جميع المخلوقات فضعيف عاجز لا يقدر على فعل شيء مما ذكر. وهذا دال على وجود الصانع المتفرد بالخلق.
٢ ـ (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى) أي وبأنه الإله القادر على إحياء الموتى ، كما أحيى الإنسان والحيوان والنبات ، فأنبت من الأرض الميتة ما فيه الحياة ، وهذا تنبيه على أن من لم يعجزه إيجاد هذه الأشياء ، فكيف يعجزه إعادة الأموات؟! (إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى ، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فصلت ٤١ / ٣٩].
٣ ـ (وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي وبأنه تعالى القادر على كل شيء ، فمن كان قادرا على ما ذكر وعلى جميع الممكنات ، فهو قادر على إعادة الأجساد بعد الفناء ، وعالم بكل المعلومات : (قُلْ : يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [يس ٣٦ / ٧٩].
٤ ـ (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) أي ولتعلموا أن من قدر على إحياء الموتى أو إعادتهم أحياء قادر على الإتيان بيوم القيامة ، فالساعة كائنة لا شك فيها ولا مرية ، كما وعدكم بها. فقوله : (وَأَنَّ السَّاعَةَ) معطوف على قوله : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) من حيث اللفظ ، وليس عطفا في المعنى ، فلا بد من إضمار فعل يتضمنه ، أي وليعلموا أن الساعة آتية.