٥ ـ (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) أي ثم نخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالا ضعافا في البدن والعقل والحواس ، ثم ينمو كل طفل ويعطيه الله القوة شيئا فشيئا.
٦ ـ (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) ثم تتكامل قواكم البدنية والعقلية ، حتى تصلوا إلى حد الكمال في عنفوان الشباب.
٧ ـ (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى ، وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ...) أي ومنكم من يموت قبل بلوغ الأشد أو في حال الشباب والقوة ، ومنكم من يعيش حتى يصل إلى سن الشيخوخة والهرم ، وضعف القوة والعقل والفهم ، والخرف ، حتى يعود إلى ما كان عليه حال الطفولة ، ضعيفا ، سخيف العقل ، قليل الفهم ، ينسى ما كان يعلمه ، كما قال تعالى : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) [يس ٣٦ / ٦٨]. والخلاصة : أن تدرج الخلق في مراحله المذكورة ، وطروء الموت وعوارض الأحوال على الإنسان دليل قاطع على وجود الخالق القادر المهيمن ، الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ، وهو أهون عليه في القياس والعقل ، كما قال تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً ، يَخْلُقُ ما يَشاءُ ، وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) [الروم ٣٠ / ٥٤].
ثم ذكر الله تعالى الدليل الثاني على إمكان البعث بخلق النبات المشابه لخلق الإنسان فقال :
(وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً ...) أي وإذا تأملت أيها الإنسان ترى الأرض (١) ميتة يابسة لا نبات فيها ولا زرع ، فإذا أنزلنا عليها ماء المطر أو غيره ، تحركت بالنبات وحييت بعد موتها ، وازدادت وارتفعت وانتفخت بالماء والنبات ، ثم
__________________
(١) خاطب تعالى الناس أولا بصيغة الجمع ، فقال : فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ ثم خاطب بصيغة الواحد ، للتنويع فقال : وَتَرَى الْأَرْضَ فانفصل اللفظ عن اللفظ ، ولكن المعنى متصل ، للاحتجاج به على منكري البعث.