١ ـ (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) أي خلقنا أصلكم آدم من التراب ، وخلقنا الأغذية التي يتكون منها المني من النبات المتولد من الماء والتراب.
٢ ـ (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) أي ثم صار التوالد المعتاد بواسطة المني المتولد من الغذاء الناشئ من التراب.
٣ ـ (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) أي ثم تتحول بإذن الله النطفة بعد أربعين يوما إلى قطعة دم مكثف أو جامد ، أو علقة حمراء.
٤ ـ (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) ثم تصبح العلقة قطعة لحم ، وتلك القطعة إما أن تتم منها أحوال الخلق ، فتصير تامة الصورة والحواس والتخطيط لمعالم الجسد ، وإما ألا تتم ، وتسقطها المرأة قبل التشكيل والتخطيط أو بعده ، أو تبقى ناقصة الصور والحواس والتخطيطات وتتم ولادتها ، قال الرازي : فيجب أن تحمل (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) على من سيصير إنسانا ؛ لأنه تعالى قال في أول الآية : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ) وذلك يبعد حمل قوله : (غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) على السقط.
والخلاصة : أن المخلقة هي القطعة المسوّاة التي لا نقص فيها ولا عيب أي التامة الخلقة ، وغير المخلقة : هي القطعة غير المسوّاة التي فيها عيب.
(لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) أي خلقناكم على هذا النحو من التدرج لنبين لكم كمال قدرتنا وحكمتنا ، لتستدلوا بها على إمكان البعث ، فإن من قدر على خلق البشر من تراب أولا ، ثم من نطفة ثانيا ـ ولا تناسب بين الماء والتراب ـ وقدر على أن يجعل النطفة علقة ـ وبينهما تباين ظاهر ـ ثم يجعل العلقة مضغة ، والمضغة عظاما ، قدر على إعادة ما بدأه ، بل هذا أهون ، كما قال الزمخشري رحمهالله تعالى.