فكلّ ذلك كالميتة والدّم رجس وقذر ، تعافه النفوس الطيبة والطباع السليمة ، وهو ضار بالبدن.
واستدلّ الشافعية بقوله تعالى : (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) على نجاسة الخنزير ، بناء على عود الضمير إليه ؛ لأنه أقرب مذكور.
والفسق :
وهو ما أهل لغير الله أي ما ذبح لغير الله ولم يذكر عليه اسم الله ، أي ما يتقرب به إلى غير الله تعبّدا ، ويذكر اسمه عليه عند ذبحه ، وهو المذبوح على النّصب وعند الأوثان ، أو بعد المقاسمة عليه بالأزلام أي القمار.
ثم استثنى الله تعالى حال الضرورة ، فقال : (فَمَنِ اضْطُرَّ ..) أي فمن كان في حال ضرورة الجوع الملجئة بسبب فقدان الحلال ، مما دعاه إلى أكل شيء من هذه المحرّمات ، حال كونه غير قاصد له ، ولا متجاوز حدّ الضرورة ، فإن الله يغفر له ويرحمه حفاظا على حقّ الحياة ، فلا يؤاخذه بأكل ما يسدّ به الرّمق ، ويدفع عنه ضرر الهلاك.
والخلاصة : إنّ الغرض من هذه الآية الكريمة الرّد على المشركين الذين ابتدعوا تحريم المحرّمات على أنفسهم بآرائهم الفاسدة ، من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك ، فأمر الله رسوله أن يخبرهم أنه لا يجد فيما أوحاه الله إليه أن ذلك محرّم ، وإنّما حرّم أربعة أشياء هي : الميتة ، والدّم المسفوح ، ولحم الخنزير ، وما أهلّ لغير الله به ، لما فيها من الضّرر المادي أو المعنوي الذي يمسّ العقيدة وعبادة الله ، ولأن لحومها خبيثة ، ومن مهام هذا النّبي إباحة الطّيبات وتحريم الخبائث : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ، وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف ٧ / ١٥٧].
لكن الحصر المستفاد من هذه الآية وأمثالها أمر نسبي لا مطلق ، وهذه الآية مخصوصة بالآيات والأخبار الدّالّة على تحريم ما حرّم من غير الأربعة ، مثل قوله