والقصد هو الرّد على مشركي العرب ؛ لأنه لما ثبت أنه لا طريق إلى معرفة المحرّمات والمحللات إلا بالوحي ، وثبت أنه لا وحي من الله تعالى إلا إلى محمد عليه الصّلاة والسّلام ، ولم ينزل في الموضوع غير هذه الآية ونظائرها ، كان هذا مبالغة في بيان انحصار التّحريم في هذه الأربعة فقط.
المعنى : يقول الله تعالى آمرا رسوله : قل يا محمد لهؤلاء الذين حرّموا ما رزقهم الله ، افتراء على الله : لا أجد محرّما على آكل يأكله سوى هذه الأمور الأربعة وهي ما يلي :
الميتة :
وهي التي ماتت حتف أنفها بغير ذبح شرعي ، وذلك يشمل المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ونحوها. وتحريمها لمضرّتها ، وانحباس الدم فيها ، مما يؤدي إلى تسممها ، وتفسّخ لحمها ، وإيذاء من تناول شيئا منها.
والدّم المسفوح :
أي الدّم المهراق السائل الذي يجري ويتدفق من عروق المذبوح. وهذا يدلّ على أنّ المحرّم من الدّم ما كان سائلا ، قال ابن عباس : يريد ما خرج من الأنعام وهي أحياء ، وما يخرج من الأوداج عند الذّبح ، فلا يدخل فيه الدّم الجامد كالكبد والطّحال لجمودهما ، ولا الدّم المختلط باللحم في المذبح ، ولا ما يبقى في العروق من أجزاء الدّم ، فإن ذلك كله ليس بسائل. وقال عكرمة في قوله : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) : لولا هذه الآية لتتبع الناس ما في العروق كما تتبعه اليهود. وجاء في الحديث الذي يرويه البيهقي في سننه والحاكم عن ابن عمر : «أحلّت لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان فالحوت والجراد ـ أو السمك والجراد ـ وأما الدّمان : فالكبد والطحال». وسبب تحريم الدّم المسفوح : اشتماله على أنواع الجراثيم والميكروبات ؛ لأن الدّم بيئة صالحة لتفريخ الميكروبات ومباءة للجراثيم.
ولحم الخنزير :
ومثله شحمه وسائر أجزاء جسده ، ومثله أيضا الكلب ،