فيركبها عنادا منه لربه فيها ؛ لأنه لو كان كذلك ، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضلّ ، وهو يحسب أنه مهتد ، وفريق الهدى فرق ، وقد فرق الله تعالى بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية (١) ، أي أن العذاب لا يكون فقط على حالة العناد والعلم بالصواب ، بل قد يكون على حالة الجهل والانحراف والخطأ في تبين الصواب.
إباحة الزينة والطيبات من المآكل والمشارب
(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢))
الإعراب :
(فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : يجوز أن يكون ظرفا للخبر الذي هو (لِلَّذِينَ آمَنُوا) ويجوز أن يكون خبرا.
(خالِصَةً) حال من الضمير الذي في (لِلَّذِينَ) الذي هو الخبر ، وهو العامل في الحال ، والعامل في الحال على الحقيقة هو الفعل المحذوف ، والتقدير : قل هي استقرت للذين آمنوا في حال خلوصها يوم القيامة.
ومن قرأ بالرفع (خالِصَةً) فهي خبر ثاني للمبتدأ وهو (هِيَ) والخبر الأول : لِلَّذِينَ آمَنُوا).
البلاغة :
(عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) المراد بالمسجد هنا الطواف والصلاة ، فهو مجاز مرسل علاقته المحلية ؛ لأنه لما كان المسجد مكان الصلاة أطلق الطواف والصلاة عليه ، من قبيل إطلاق المحل وإرادة الحال.
__________________
(١) تفسير الطبري ٨ / ١٥٩ ، ط البابي الحلبي.