أي هل كنتم حضورا شاهدتم ربّكم ، فوصّاكم بهذا التّحريم؟ وأمركم فيما ابتدعتموه وافتريتموه من تحريم ما لم يحرّمه الله ، وإنما هو محض الافتراء والكذب على الله ، ولا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب ، بقصد الإضلال عن جهل تام ، والله تعالى ، جزاء لهذا الظلم ، لا يوفق للرّشاد من افترى عليه الكذب ، ولا يهديه إلى الحقّ والعدل ، بل يحجبه عن إدراك الصواب وما فيه المصلحة.
فقه الحياة أو الأحكام :
الله تعالى خالق الكائنات هو مصدر شيئين أساسيين في هذه الحياة : فهو مصدر بقاء الناس بإمدادهم بالنّعم الكثيرة الوفيرة ، ومصدر التّشريع الصالح لكل زمان ومكان ، إبقاء على النظام الأصلح ، وحفاظا على مصالح البشر ، أفرادا وجماعات.
والمقصود من ذلك تقرير التّوحيد ، وإثبات الألوهيّة والرّبوبيّة لله عزوجل ، فإن في آية : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ ..) ثلاثة أدلّة :
أحدها ـ أن المتغيّرات لا بدّ لها من مغيّر.
الثاني ـ المنّة من الله سبحانه علينا ، فلو شاء إذ خلقنا ألا يخلق لنا غذاء ، وإذ خلقه ألا يكون جميل المنظر طيّب الطّعم ، وإذ خلقه كذلك ألا يكون سهل الجني ، فلم يكن عليه أن يفعل ذلك في ابتداء الخلق ؛ لأنه لا يجب عليه شيء.
الثالث ـ إظهار القدرة الإلهيّة في أشياء كثيرة ، منها صعود الماء (النسغ) في الشّجر من الأدنى إلى الأعلى ، مع أن من شأن الماء الانحدار والهبوط ، ومنها تعدّد أنواع الثّمار والأشجار والزّروع ، وتنوّع أصنافها وألوانها وطعومها وأشكالها.
ودلّت آية (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) على وجوب الزّكاة المفروضة في الزّروع والثّمار: العشر ونصف العشر.
وقال جماعة : هو حقّ في المال سوى الزّكاة ، أمر الله به ندبا.