وقد تمسّك أبو حنيفة بهذه الآية وبعموم الحديث النّبوي الذي رواه البخاري وأبو داود عن ابن عمر : «فيما سقت السّماء العشر ، وفيما سقي بنضح (١) أو دالية (٢) نصف العشر» في إيجاب الزّكاة في كلّ ما تنبت الأرض طعاما كان أو غيره ، إلا الحطب والحشيش والقضب (البرسيم) والتين ، والسّعف (٣) وقصب الذريرة (٤) ، وقصب السّكر.
ورأى الجمهور أن الحديث لا يدلّ على ذلك ، وإنّما المقصود منه بيان ما يؤخذ منه العشر وما يؤخذ منه نصف العشر.
قال ابن عبد البر : لا اختلاف بين العلماء فيما علمت أنّ الزّكاة واجبة في الحنطة والشعير والتّمر والزّبيب.
فيكون للعلماء رأيان في زكاة ما تخرجه الأرض :
الرّأي الأول لأبي حنيفة : تجب الزّكاة في قليل ما أخرجته الأرض إلا ما استثني سابقا ، ودليله ظاهر الآية والحديث المتقدّم.
الرّأي الثاني للجمهور ومنهم صاحبا أبي حنيفة : لا تجب زكاة الزّروع والثّمار إلا فيما يقبل الاقتيات والادّخار ، وعند الحنابلة : فيما ييبس ويبقى ويكال ، ولم يوجب الشّافعي الزّكاة في الثّمار غير العنب والتّمر ؛ لأن الرّسول صلىاللهعليهوسلم أخذ الزّكاة منهما ، ولا زكاة في الخضروات والفواكه ؛ لأنّ الرّسول صلىاللهعليهوسلم عفا عنها وقال فيما رواه التّرمذي عن معاذ في الخضروات : «ليس فيها شيء» ، ولا بدّ من بلوغ
__________________
(١) النّضح : سقي الزّرع وغيره بالسّانية : وهي النّاقة التي يستقى عليها.
(٢) الدّالية : النّاعورة يديرها الماء ، والأرض التي تسقى بدلو أو بناعورة.
(٣) السّعف : جريد النّخل ، واحدها سعفة.
(٤) الذريرة : قصب يجاء به من الهند.