أنثى ، وقد أنشأ الله من الضّأن زوجين اثنين : الكبش والنّعجة ، ومن المعز زوجين اثنين : التّيس والعنزة ، ومن الإبل اثنين : الجمل والنّاقة ، ومن البقر اثنين : الثّور والبقرة.
قال لمشركي العرب أيّها الرّسول إنكارا لصنعهم بتقسيم الأنعام إلى بحيرة وسائبة ووصيلة وحام وغير ذلك مما ابتدعوا فيها : أحرم الله الذّكرين من الكبش والتّيس؟ أم حرّم الأنثيين من النّعجة والعنز؟ أم حرّم ما حملت إناث النّوعين؟ يعني هل يشتمل الرّحم إلا على ذكر أو أنثى ، فلم تحرمون بعضا وتحلّون بعضا؟ أخبروني عن يقين ، كيف حرّم الله عليكم ما زعمتم تحريمه من البحيرة والسّائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك؟ أخبروني ببيّنة تدلّ على هذا التّحريم من كتاب الله ، أو خبر نبي من الأنبياء إن كنتم صادقين في ادّعاء التّحريم.
والحقيقة أنه لا منطق في تقسيم العرب في الجاهلية قبل الإسلام لأنواع الأنعام ، فمنها الحرام ومنها الحلال ، فإن كان المحرّم منها الذّكر ، وجب أن يكون كلّ ذكورها حراما ، وإن كان المحرّم منها الأنثى ، وجب أن يكون كلّ إناثها حراما ، وإن كان المحرّم منها ما حملته الأجنّة في بطون الإناث ، وهي تشتمل على الذّكر والأنثى ، وجب تحريم الأولاد كلّها.
والله تعالى ما حرّم عليهم شيئا من هذه الأنواع ، وإنهم لكاذبون في دعوى التّحريم ، ولا أحد في الدّنيا أظلم ممن يفتري الكذب على الله ، فيدّعي أنه حرّم شيئا ولم يحرّمه ، ونسب إليه تحريم ما لم يحرم ، من أجل إضلال النّاس ، وهو عمرو بن لحيّ بن قمعة الذي بحر البحائر ، وسيّب السّوائب ، ووصل الوصيلة ، وحمى الحامي ، وغيّر دين الأنبياء ، إن الله لا يهدي إلى الحقّ والخير القوم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم ، فشرعوا ما لم يشرع الله تعالى.
ثمّ شدّد الله تعالى الإنكار عليهم والتّهكم بهم فقال : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ ..)