أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ؟ قالُوا : إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) [الأعراف ٧ / ٧٥] ، فأجاب المستكبرون : (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) [الأعراف ٧ / ٧٦].
وطلب المستكبرون منه آية على صدقه ، فأيّده الله بالنّاقة وقال لهم : (لَها شِرْبٌ ، وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) [الشعراء ٢٦ / ١٥٥] ، (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ، وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ، كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) [القمر ٥٤ / ٢٧ ـ ٢٨] ، فكانت تشرب ماء البئر أو النّهر الصغير في يوم ، ويشربون منه في اليوم التالي ، ويحلبون منها ما شاؤوا فلا ينضب حليبها.
وأمرهم ألا يمسّوها بسوء ، وأن يذروها تأكل في أرض الله ، وبذل صالح عليهالسلام قصارى جهده في تذكير قومه بنعم الله تعالى عليهم ، ونهاهم عن أن يعثوا في الأرض مفسدين.
فتكبّروا عن الإيمان به ، واستخفّوا به ، وعاندوه ، وعتوا عن أمر ربّهم ، وعقروا النّاقة ، عقرها قدار بن سالف بأمرهم : (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ ، وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ، وَقالُوا : يا صالِحُ : ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف ٧ / ٧٧] ، (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ) [القمر ٥٤ / ٢٩].
فقال لهم : (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) [هود ١١ / ٦٥] ، (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ ، وَقالَ : يا قَوْمِ ، لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) [الأعراف ٧ / ٧٩] ، ثم نزل عليهم العذاب عذاب الرّجفة (الواقعة الشديدة من صوت الرّعد ، المصحوبة بقطعة من نار تحرق ما أتت عليه) أو عذاب الصيحة : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ، فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) [الأعراف ٧ / ٧٨] ، وقال تعالى : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ. إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً ، فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) [القمر ٥٤ / ٣٠ ـ ٣١] ، وعبّر تعالى عنها أيضا بالصاعقة ، وتارة بالطاغية. وكلّ ذلك صحيح ؛ لأن الصاعقة تكون