وكانت ثمود ـ قوم صالح ـ بعد عاد ، ورثوا أرضهم وديارهم ، وكانت مساكنهم بالحجر بين الحجاز والشّام ، إلى وادي القرى وما حوله. ومدائن صالح ظاهرة إلى اليوم ، تعرف ب «فجّ النّاقة». وحجر ثمود في الجنوب الشرقي من أرض مدين ، وهي مصاقبة لخليج العقبة. وقد كان يقال لعاد : عاد إرم ، إلى أن هلكوا ، فقالوا : ثمود إرم.
وقد مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ديارهم ومساكنهم ، وهو ذاهب إلى تبوك سنة تسع ، قال الإمام أحمد عن ابن عمر قال : لما نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالناس على تبوك ، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود ، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود ، فعجنوا منها ، ونصبوا لها القدور ، فأمرهم النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فأهرقوا القدور ، وعلفوا العجين الإبل ، ثم ارتحل بهم ، حتى نزل على البئر التي كانت تشرب منها النّاقة ، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا ، وقال : «إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم ، فلا تدخلوا عليهم». وروى أحمد أيضا عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو بالحجر : «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين ، فلا تدخلوا عليهم ، أن يصيبكم مثل ما أصابهم» وأصل هذا الحديث مخرج في الصحيحين من غير وجه.
وكانت قبيلة ثمود مثل قوم نوح وعاد تدين بعبادة الأصنام يشركونها مع الله في العبادة ، وآتاهم الله نعما كثيرة ، فأرسل الله إليهم صالحا نبيّا عليهالسلام ، واعظا لهم ومذكّرا لهم بنعم الله وآياته الدّالة على توحيده وأنه لا شريك له ، وأنه يجب إفراده بالعبادة دون سواه.
فآمن به المستضعفون من قومه ، وكفر الملأ (السّادة والأشراف والقادة) ولم يؤمنوا به ، وعصوا وتكبروا وكفروا ، وأنكروا نبوته : (أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا؟ بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) [القمر ٥٤ / ٢٥] ، وقالوا للمستضعفين : (أَتَعْلَمُونَ