الناس على الأرض (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) [القمر ٥٤ / ٢٠] أي أصول نخل قلع من جذره.
أتحاجونني في هذه الأصنام التي سميتموها أنتم وآباؤكم آلهة ، وهي لا تضر ولا تنفع ، وما أنزل الله من حجّة ولا برهان أو دليل على عبادتها؟!
ثم هددهم وأوعدهم بقوله : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) أي انتظروا نزول العذاب الشديد من الله الذي طلبتموه بقولكم : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) إني معكم أحد المنتظرين لنزوله بكم.
وقد نزل بهم العذاب ونجّى الله هودا والذين آمنوا معه برحمة عظيمة من الله ، واستأصل الكافرين ، وقطع دابر الذين جحدوا بآيات الله ؛ لأنهم لم يكونوا مؤمنين بالله تعالى ، وكذبوا بآيات الله ، فهاتان صفتان استوجبتا التّعذيب ، وهما : التّكذيب بآيات الله ، والكفر أو عدم الإيمان.
وكان العذاب كما في آيات أخرى بالأعاصير الهوجاء والرّيح العاتية : (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ، ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) [الذّاريات ٥١ / ٤١ ـ ٤٢] ، (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ. سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ، فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى ، كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ ، فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) [الحاقة ٦٩ / ٦ ـ ٨] ، فلما تمرّدوا وعتوا أهلكهم الله بريح عاتية ، فكانت تحمل الرّجل منهم ، فترفعه في الهواء ، ثمّ ترميه على رأسه ، فتخلع رأسه ممن بين جثّته (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها ، فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) [الأحقاف ٤٦ / ٢٥].
ومظاهر عتوّهم : عبادة الأوثان ، وظلم الناس ، والاغترار بالقوّة : (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا : مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟) [فصلت ٤١ / ١٥] ، وبناء الأبنية الضخمة في كلّ مكان عبثا بغير نفع ، فعاتبهم هود