وكلمهم : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ. وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ. فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ...) [الشعراء ٢٦ / ١٢٨ ـ ١٣١] ، (قالُوا : يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ ، وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ، إِنْ نَقُولُ : إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ) [هود ١١ / ٥٣ ـ ٥٤] أي بجنون.
فقه الحياة أو الأحكام :
في قصة هو مع قومه عبر وعظات أهمها ما يأتي :
١ ـ ضرورة التّحلّي بالصبر بسبب معاناة الأنبياء الشديدة في دعوة أقوامهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ورفض الإشراك به معه إلها آخر. فقد دعا هود قومه إلى عبادة الله وحده ، وذكّرهم بنعم الله وأفضاله عليهم من التّمكين في الأرض وزيادة القوة البدنية وطول القامة ، قال ابن عباس : كان أطولهم مائة ذراع ، وأقصرهم ستين ذراعا.
٢ ـ خيبة الآمال بالتّفوق حين استمر عناد القوم (قوم عاد) وتمرّدهم وإنكارهم دعوة نبيّهم ، فقد حملهم غرورهم بقوتهم الجسدية والمادية في البناء والمصانع على الاستهانة بتهديد النّبي ووعيده ، فاستعجلوا إنزال العذاب عليهم.
٣ ـ النّبي يكون عادة من جنس قومه ، فهو بشر مثلهم ، وهو أيضا واحد من القبيلة ، لكنه يكون من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا ، وأكرمهم معشرا ، وأرفعهم خلقا وأدبا. وهذا كلّه كان منطبقا على هود عليهالسلام ، بدليل إجابته لقومه الذين اتّهموه بالسّفاهة إجابة صادرة عن الحكمة ، والتّرفّع عمّا قالوا ووصفوه بالسّفاهة والضّلالة. وهذا منهج أصحاب السّمو والرّفعة ، يقابلون السّفهاء بالحلم ، ويغضون عن قول السّوء بالصّفح والعفو والمغفرة.