ما أرسلت به من التكاليف الإلهية ، وأنا لكم ناصح فيما أدعوكم إليه ، أمين فيما أبلغكم إياه ، فلا أكذب على الله. وهذه هي صفات الرسل : التبليغ والنصح والأمانة.
ولا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولا من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه ، بل احمدوا الله على ذاكم. فقوله : (أَوَعَجِبْتُمْ) معطوف على محذوف تقديره : أكذبتم وعجبتم من إنزال وحيه بتذكيركم وعظتكم على لسان رجل منكم ، لينذركم عقابه ويحذركم من بأسه؟!
واذكروا فضل الله عليكم ونعمته ، إذ جعلكم ورثة نوح ، ومنحكم طولا في القامة وقوة في الجسد تفوق أمثالكم من أبناء جنسكم.
واذكروا آلاء الله ، أي نعمه ومننه عليكم ، واشكروه عليها بإخلاص العبادة وترك الشرك به لتفوزوا بجنان الخلد والنعيم الأبدي.
فردوا عليه متمردين بقولهم : أجئتنا لأجل أن نعبد الله وحده ، ونفرده بالتعظيم ، ونترك ما كان عليه آباؤنا من اتخاذ الأصنام شركاء معه؟ أي أنهم أنكروا عليه دعوته ، واستبعدوا اختصاص الله وحده بالعبادة ، وترك دين الآباء في اتخاذ الأصنام شركاء معه ، حبا لما نشؤوا عليه ، وإلفا لما يتدين به آباؤهم.
وازدادوا طغيانا وعنادا وإنكارا على هود عليهالسلام ، بل اشتطوا في الحماقة والتحدي فطلبوا إنزال العذاب عليهم على ترك الإيمان به ، قائلين : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أي استعجل إنزال العذاب علينا إن كنت صادقا في تهديدك ووعيدك.
فأجابهم هود عليهالسلام : إنه قد وجب عليكم وحقّ بمقالتكم هذه من ربّكم عذاب وسخط وطرد من رحمته ، أو قد نزل عليكم ، جاعلا المتوقع الذي لا بدّ من نزوله بمنزلة الواقع ، وقد كان عذابهم ريحا صرصرا (شديدة الصوت) عاتية تلقي