كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [الحج ٢٢ / ٤٧] وأما يوم القيامة فقال الله في وصفه : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج ٦٩ / ٤].
ومعنى الآية : إن ربكم ومالك أمركم أيها الناس هو الله وحده لا شريك له ، وهو الذي أوجد السموات والأرض ، وقدرهما ، ودبر أمورهما وأحكم نظامهما في ستة أيام ، إما مقدرة بأيام الدنيا ، وإما أن الله أعلم بمقدارها وحدودها ، ولو شاء خلّقها في لحظة لخلقها ، وإنما أراد تعليم خلقه التثبت في الأمور : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) [يس ٣٦ / ٨٢] وذلك الخلق والتكوين ليس بالهين وهو دليل على القدرة التامة : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) [غافر ٤٠ / ٥٧].
وكان خلق الأرض في يومين ، وخلق الجبال الرواسي وأنواع النبات والحيوان في يومين آخرين ، كما قال تعالى : (قُلْ : أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ، وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ، ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها ، وَبارَكَ فِيها ، وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، سَواءً لِلسَّائِلِينَ) [فصلت ٤١ / ٩ ـ ١٠].
وخلق السموات وما فيها من أجرام وكواكب في يومين ، كما قال تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ ، وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها ، وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ، ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت ٤١ / ١٢].
ثم إنه تعالى بعد هذا الخلق استوى على عرشه ، يدبر أمره ، ويصرف نظامه ، على نحو يليق به ، غير مشابه لشيء من المخلوقات والحوادث. فاستواؤه على العرش : هو انفراده بتدبير السموات والأرض ، واستيلاؤه على زمام الأمور والسلطة فيهما. ونحن نؤمن كإيمان الصحابة باستواء الله على العرش بكيفية تليق به ، من غير تشبيه ولا تكيف ، أي من غير تحديد بجهة ، ولا تقدير بكيف أو