(اسْتَوى) في اللغة : استقر ، أو قصد أو استولى وملك ، والمراد أنه يتصرف فيه بما يريد وقد استوى استواء يليق به (الْعَرْشِ) لغة : سرير الملك ، أو كل شيء له سقف ، أو هودج المرأة ، أو الملك والسلطان ، يقال : ثلّ عرشه ، أي ذهب ملكه وزوال أو هلك. (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) أي يغطي كلا منهما بالآخر ، ويجعل الليل كالغشاء ، أي يذهب نور النهار (يَطْلُبُهُ) يطلب كل منهما الآخر (حَثِيثاً) أي طلبا سريعا من غير فتور (مُسَخَّراتٍ) مذلّلات خاضعات لتصرفه (بِأَمْرِهِ) بقدرته وتدبيره وتصرفه (الْخَلْقُ) إيجاد الأشياء من العدم بقدر ، فله الخلق جميعا (وَالْأَمْرُ) كله ، أي التدبير والتصرف كما يشاء (تَبارَكَ اللهُ) تعاظم وتنزّه ، أو كثر خيره وإحسانه (رَبُّ الْعالَمِينَ) مالك العوالم من الجن والإنس.
المناسبة :
إن مدار القرآن على إثبات أسس أربعة : وهي التوحيد ، والنبوة ، والمعاد ، والقضاء والقدر. وإثبات المعاد متوقف على إثبات التوحيد والقدرة والعلم.
فلما قرر الله تعالى أمر المعاد ، وذكر ما يدور من حوار بين أصحاب النار وأصحاب الجنة وأصحاب الأعراف ، عاد إلى ذكر أدلة التوحيد ، وكمال القدرة ، والعلم ، لتكون دليلا على الربوبية والألوهية وإثبات المعاد.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى أنه خالق الكون أو العالم كله سماواته وأراضيه السبع ، وما بين ذلك في ستة أيام ، وهي ما عدا السبت ، وقد اجتمع الخلق كله في الجمعة ، الذي فيه خلق آدم عليهالسلام. وأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق ؛ لأنه اليوم السابع ، ومنه سمي السبت وهو القطع ، وهذا من الأخبار الإسرائيلية.
والمتبادر إلى الأذهان أن هذه الأيام مقدرة بأيام الدنيا ؛ لأنه لم يكن ثمّ شمس ، ووجدت هذه الأشياء المخلوقة بعد خلق هذه الأرض. ورأى مجاهد وأحمد بن حنبل : أن كل يوم كألف سنة ، كما قال تعالى : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ