المبين ، وأنه ساجنه لا محالة إن لم يعترف بإلهية فرعون ، قطعا لمعذرته من قبل الوقوع. وهذا التقدير دلت عليه (لَوْ) الوصلية التي هي لفرض حالة خاصة. فالواو في قوله : (أَوَلَوْ جِئْتُكَ) واو الحال ، والمستفهم عنه بالهمزة محذوف دل عليه أن الكلام جواب قول فرعون (لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) [الشعراء : ٢٩] والتقدير : أتجعلني من المسجونين والحال لو جئتك بشيء مبين ، إذ القصد الاستفهام عن الحالة التي تضمنها شرط (لَوْ) بأنها أولى الحالات بأن لا يثبت معها الغرض المستفهم عنه على فرض وقوعها وهو غرض الاستمرار على التكذيب ، وهو استفهام حقيقي.
وليست الواو مؤخرة عن همزة الاستفهام لأن لحرف الاستفهام الصدارة بل هي لعطف الاستفهام.
والعامل في الحال وصاحب الحال مقدّران دل عليهما قوله : (لَأَجْعَلَنَّكَ) [الشعراء: ٢٩] ، أي أتجعلني من المسجونين.
ووصف «شيء» ب (مُبِينٍ) اسم فاعل من أبان المتعدي ، أي مظهر أني رسول من الله.
وأعرض فرعون عن التصريح بالتزام الاعتراف بما سيجيء به موسى فجاء بكلام محتمل إذ قال (فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). وفي قوله : (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) إيماء إلى أن في كلام فرعون ما يقتضي أن فرض صدق موسى فرض ضعيف كما هو الغالب في شرط (إِنْ) مع إيهام أنه جاء بشيء مبين يعتبر صادقا فيما دعا إليه ، فبقي تحقيق أن ما سيجيء به موسى مبين أو غير مبين. وهذا قد استبقاه كلام فرعون إلى ما بعد الوقوع والنزول ليتأتى إنكاره إن احتاج إليه.
والثعبان : الحية الضخمة الطويلة.
ووصف (ثُعْبانٌ) بأنه (مُبِينٌ) الذي هو اسم فاعل من أبان القاصر الذي بمعنى بان بمعنى ظهر ، ف (مُبِينٌ) دال على شدة الظهور من أجل أن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى ، أي ثعبان ظاهر أنه ثعبان لا لبس فيه ولا تخييل.
وبالاختلاف بين (مُبِينٌ) الأول و (مُبِينٌ) الثاني اختلفت الفاصلتان معنى فكانتا من قبيل الجناس ولم تكونا مما يسمى مثله إيطاء.
والإلقاء : الرمي من اليد إلى الأرض ، وتقدم في سورة الأعراف.