بصحة ذلك في قلوبهم.
وصيغ الإخبار عنهم بأنهم مفتونون بتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لتقوي الحكم بذلك. وصيغ المسند فعلا مضارعا لدلالته على تجدد الفتون واستمراره.
وغلب جانب الخطاب في قوله : (تُفْتَنُونَ) على جانب الغيبة مع أن كليهما مقتضى الظاهر ترجيحا لجانب الخطاب لأنه أدل من الغيبة.
[٤٨ ، ٤٩] (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩))
عطف جزء القصة على جزء منها. و (الْمَدِينَةِ) : هي حجر ثمود بكسر الحاء وسكون الجيم المعروف مكانها اليوم بديار ثمود ومدائن صالح ، وهي بقايا تلك المدينة من أطلال وبيوت منحوتة في الجبال. وهي بين المدينة المنورة وتبوك في طريق الشام وقد مرّ بها النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمون في مسيرهم في غزوة تبوك ورأوا فيها آبارا نهاهم النبي صلىاللهعليهوسلم عن الشرب والوضوء منها إلا بئرا واحدة أمرهم بالشرب والوضوء بها وقال : «إنها البئر التي كانت تشرب منها ناقة صالح».
والرهط : العدد من الناس حوالي العشرة وهو مثل النفر. وإضافة تسعة إليه من إضافة الجزء إلى اسم الكل على التوسع وهو إضافة كثيرة في الكلام العربي مثل : خمس ذود. واختلف أئمة النحو في القياس عليها ، ومذهب سيبويه والأخفش أنها سماعية.
وكان هؤلاء الرهط من عتاة القوم ، واختلف في أسمائهم على روايات هي من أوضاع القصّاصين ولم يثبت في ذلك ما يعتمد. واشتهر أن الذي عقر الناقة اسمه «قدار» بضم القاف وتخفيف الدال ، وقد تشاءم بعض الناس بعدد التسعة بسبب قصة ثمود وهو من التشاؤم المنهي عنه.
و (الْأَرْضِ) : أرض ثمود فالتعريف للعهد.
وعطف (لا يُصْلِحُونَ) على (يُفْسِدُونَ) احتراس للدلالة على أنهم تمحّضوا للإفساد ولم يكونوا ممن خلطوا إفسادا بإصلاح.
وجملة : (قالُوا) صفة ل (تِسْعَةُ) ، أو خبر ثان ل (كانَ) ، أو هو الخبر ل (كانَ).