ظُلْماً وَزُوراً (٤))
انتقال من ذكر كفرهم في أفعالهم إلى ذكر كفرهم بأقوالهم الباطلة.
والإظهار هنا لإفادة أن مضمون الصلة هو علة قولهم هذا ، أي ما جرأهم على هذا البهتان إلا إشراكهم وتصلبهم فيه ، وليس ذلك لشبهة تبعثهم على هذه المقالة لانتفاء شبهة ذلك ، بخلاف ما حكي آنفا من كفرهم بالله فإنهم تلقوه من آبائهم ، فالوصف الذي أجري عليهم هنا مناسب لمقالتهم لأنها أصل كفرهم.
وهذه الجملة مقابلة جملة : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) [الفرقان : ١] فهي المقصود من افتتاح الكلام كما آذنت بذلك فاتحة السورة. وإنما أخرت هذه الجملة التي تقابل الجملة الأولى مع أن مقتضى ظاهر المقابلة أن تذكر هذه الجملة قبل جملة : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) [الفرقان : ٣] اهتماما بإبطال الكفر المتعلق بصفات الله كما تقدم آنفا.
والقصر المشتمل عليه كلامهم المستفاد من (إن) النافية و (إلّا) قصر قلب ؛ زعموا به رد دعوى أن القرآن منزل من عند الله.
وممن قال هذه المقابلة النضر بن الحارث ، وعبد الله بن أمية ، ونوفل بن خويلد. فإسناد هذا القول إلى جميع الكفار لأنه واقع بين ظهرانيهم وكلهم يتناقلونه. وهذه طريقة مألوفة في نسبة أمر إلى القبيلة كما يقال : بنو أسد قتلوا حجرا.
واسم الإشارة إلى القرآن حكاية لقولهم حين يسمعون آيات القرآن.
والضمير المرفوع في (افْتَراهُ) عائد إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم المعلوم من قوله : (عَلى عَبْدِهِ) [الفرقان : ١].
والإفك : الكذب. وتقدم عند قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ) في سورة النور [١١]. والافتراء : اختلاق الأخبار ، أي ابتكارها وهو الكذب عن عمد ، وتقدم في قوله : (وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) في سورة العقود [١٠٣].
(وَأَعانَهُ عَلَيْهِ) أي على ما يقوله من القرآن قوم آخرون لقنوه بعض ما يقوله ، وأرادوا بالقوم الآخرين اليهود. روي هذا التفسير عن مجاهد وعن ابن عباس : أشاروا إلى عبيد أربعة كانوا للعرب من الفرس وهم : عدّاس مولى حويطب بن عبد العزى ، ويسار أبو