نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم الوحى فأدخل (١) عليا وفاطمة وابنيها تحت ثوبه ثم قال : «اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي» وقال له حين خلفه في غزاة غزاها فقال علي : يا رسول الله! خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة» ، وقوله يوم خيبر : «لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه» ، فتطاول المهاجرون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ليراهم ، فقال : «أين علي؟» فقالوا : هو رمد ، قال : «ادعوه!» فدعوه فبصق في عينيه ففتح الله على يديه(٢).
أنبأنا ذاكر بن كامل الحذاء عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال : سمعت الإمام أبا القاسم سعد بن علي الزنجاني بمكة وما رأيت مثله يقول : كان أبو القاسم عبيد الله بن محمد السقطي البغدادي ببغداد يدعو الله تعالى أن يرزقه الحج والإقامة بمكة أربعين سنة (٣) فحج وأقام بمكة مجاورا أربعين سنة ، فلما تمت الأربعون رأى رؤيا كان قائلا يقول : يا أبا القاسم طلبت أربعة وقد أعطيناك أربعين لأن الحسنة بعشر أمثالها.
ومات في تلك السنة ، بلغنا أن السقطي مات بمكة سنة ست وأربعمائة.
كان جده من أئمة الحديث ، وله المصنفات الكثيرة فيه ، وأبو الحسن هذا مما كان يعرف شيئا من العلم ، سمع من جده كثيرا من مصنفاته ، وسمع أيضا من أبي سعد أحمد ابن إبراهيم المقرئ وأبي يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني وغيرهما ، وقدم بغداد حاجّا وحدث بها ، روى عنه ابن ناصر وأبو المعمر الأنصاري ، وسمع منه شيخنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن الماندائي الواسطي ببغداد «كتاب الأسماء والصفات» من جمع جده وكان سماعه منه ورواه شيخنا عنه ، ببغداد غيرة مرة ، وسمعت منه قطعة منه
__________________
(١) في الأصل : «فأدخلت».
(٢) انظر الحديث في : سنن الترمذي ٢ / ٢١٤.
(٣) هكذا في الأصل.
(٤) انظر : لسان الميزان ٤ / ١١٦. والعبر ٤ / ٥٤.