قال : آية في كتاب الله تعالى. قال : وما هي؟ قال قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) [المائدة ٤٤] فقال له المأمون : ألك علم بأنها منزلة ، قال : نعم، قال : وما دليلك؟ قال : إجماع الأمة ، قال فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل ، فارض بإجماعهم في التأويل قال : صدقت السلام عليك يا أمير المؤمنين.
حدّثني الحسن بن أبي طالب ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران ، حدّثنا صالح بن محمّد ، حدّثني أخي صدقة بن محمّد قال : قال لي أبو محمّد عبد الله بن محمّد الأزهري قال المأمون : غلبة الحجة أحب إلىّ من غلبة القدرة ، لأن غلبة القدرة تزول بزوالها ، وغلبة الحجة لا يزيلها شيء.
أخبرنا علي بن الحسين ـ صاحب العبّاسي ـ أخبرنا علي بن الحسن الرّازيّ ، حدّثنا أبو بكر الكوكبي ، حدّثنا البحتريّ الوليد بن عبيد ، أخبرني أبو تمام حبيب بن أوس قال : قال المأمون لأبي حفص عمر بن الأزرق الكرماني : أريدك للوزارة ، قال : لا أصلح لها يا أمير المؤمنين ، قال : ترفع نفسك عنها؟ قال : ومن رفع نفسه عن الوزارة؟ ولكني قلت هذا رافعا لها ، وواضعا لنفسي عنها ، قال المأمون : إنا نعرف موضع الكفاة الثقات المتقدمين من الرجال ، ولكن دولتنا منكوسة ، إن قومناها بالراجحين انتقصت ، وإن أيدناها بالناقصين استقامت. ولذلك اخترت استعمال الصواب فيك.
أخبرنا أبو علي محمّد بن الحسين الجازري ، حدّثنا المعافى بن زكريا ـ إملاء ـ حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي ، حدّثنا أبو سهل الرّازيّ قال : لما دخل المأمون بغداد تلقاه أهلها ، فقال له رجل من الموالي : يا أمير المؤمنين بارك الله لك في مقدمك ، وزاد في نعمك ، وشكرك عن رعيتك ، فقد فقت من قبلك وأتعبت من بعدك ، وآيست أن يعتاض منك ، لأنه لم يكن مثلك ، ولا علم شبهك. أما فيمن مضى فلا يعرفونه ، وأما فيمن بقي فلا يرتجونه فهم بين دعاء لك ، وثناء عليك ، وتمسك بك ، أخصب لهم جنابك ، واحلولى لهم ثوابك ، وكرمت مقدرتك ، وحسنت أثرتك ، ولانت نظرتك ، فجبرت الفقير ، وفككت الأسير ، وأنت كما قال الشّاعر :
ما زلت في البذل والنوال وإط |
|
لاق لعان بجرمه علق |
حتى تمنى البراء أنهم |
|
عندك أمسوا في القيد والحلق |