اختلفا في قدر المنفعة بأن يقول : أكريتها شهرا ، أو يقول : إلى الكوفة ، فيقول : بل الى شهرين أو الى بغداد ، وفي الأجرة قال قوم : يتحالفان ، وقال قوم : ان كان قبل مضي المدة تحالفا ، وان كان بعدها في يد المكترى لم يتحالفا وكان القول قول المكترى ، كما في البيع القول قول المشتري إذا كانت السلعة تالفة ، وهذا هو الذي يقتضيه مذهبنا ، وان قلنا يرجعان إلى القرعة ، فمن خرج اسمه حلف وحكم له به كان قويا ، وقال ابن الجنيد : إذا اتفقا في المدة والمكان واختلفا في الأجرة فكل منهما يدعي ما يجوز بمثله في الإجارة في العرف ، كان الأجير مدعيا فضل أجرة في مال المستأجر ، وعليه البينة ، وكذلك ان اختلفا في الجنس ، فيقول الأجير قفيز حنطة ، ويقول المستأجر خمسة دراهم ، هذا إذا انقضت المدة أو ركبت الدابة ، وان كان قبل العمل أو الركوب ، ولم تقم بينة ولم يسأل أحدهما يمين الآخر تحالفا وانفسخت الإجارة.
وقال ابن البراج : ان لم تكن بينة تحالفا ، فان نكل أحدهما عن اليمين كان القول قول الآخر مع يمينه ، فان حلفا جميعا أو نكلا معا عن اليمين انفسخ العقد في المستقبل ، وكان القول قول مالك الدار مع يمينه في الماضي ، فان لم يحلف كان له أجرة مثلها عما سكنه المستأجر.
وقال ابن إدريس : القول قول المستأجر وعلى المالك البينة ، وقال في المختلف بعد نقل هذه الأقوال ، ثم قول ابن إدريس أخيرا : وهو الوجه ، لنا أنه منكر ، ولو أقام كل منهما بينة قدمت بينة المدعي ، لأن القول قول المنكر وللتحالف وجه ، لأن كل واحد منهما مدع باعتبار ، وكذا القرعة ، وقد تقدما في البيع.
أقول : والمشهور بين المتأخرين هو ما ذكره ابن إدريس ، وهو الأنسب بمقتضى قواعدهم ، لأنهما قد اتفقا على العقد ، وعلى انتقال العين المستأجرة والمدة ، وثبوت الأجرة التي يدعيها المستأجر ، وانما الخلاف فيما زاد عنها ، فأحدهما