ومرجع هذا الخلاف الى أن عقد المضاربة هل هو عقد شرعي صحيح أو باطل؟ والقول المشهور مبنى على الأول ، والثاني على الثاني.
والأول هو المستفاد من الاخبار المتظافرة من طرق الخاصة والعامة ، وبه قال كافة العلماء من الطرفين الا ما ذكرناه ، وقد تقدمت جملة من الاخبار الدالة على ذلك في المسئلة الاولى من المقصد الأول ، ومنها صحيحة محمد بن قيس (١) وموثقته المتقدمتان في صدر هذا الكتاب ، ومنها أيضا زيادة على ذلك موثقة إسحاق بن عمار (٢) عن أبى الحسن (عليهالسلام) قال : «سألته عن مال المضاربة؟ قال : الربح بينهما ، والوضيعة على المال».
وحسنة الكاهلي (٣) عن أبى الحسن موسى (عليهالسلام) «في رجل دفع الى رجل مالا مضاربة فجعل له شيئا من الربح مسمى. فابتاع المضارب متاعا فوضع فيه؟ قال : على المضارب من الوضيعة بقدر ما جعل له من الربح (٤)».
احتج القائلون بالقول الثاني بأن النماء تابع للأصل بالأصالة ، فيكون الربح للمالك ، ولان هذه المعاملة معاملة فاسدة لجهالة العوض فتبطل ، فيكون الربح لصاحب المال ، وعليه أجرة المثل للعامل.
والجواب أن جميع ما ذكروا ان كان هو مقتضى قواعدهم كما صرحوا به في غير موضع ، الا أنه بعد استفاضة النصوص وتكاثرها كما عرفت بصحة هذه المعاملة ، وفيها الصحيحة وغيرها مع عدم مخالف ولا مناقض فيها ، فإنه يجب القول بصحة العقد ،
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٤٠ ح ٣ ، التهذيب ج ٧ ص ١٨٨ ح ١٦ ، الوسائل ج ١٣ ص ١٨٥ ح ٢ و ٤.
(٢) المصدر ح ١٥ ، الوسائل ج ١٣ ص ١٨٦ ح ٥.
(٣) التهذيب ج ٧ ص ١٨٨ ح ١٧ ، الوسائل ج ١٣ ص ١٨٦ ح ٦.
(٤) أقول : هذا الخبر بحسب ظاهره لا يخلو من الاشكال ونقل عن الشيخ أنه حمله على ما إذا كان المال بينهما شركة ، وانما أطلق عليها المضاربة مجازا والأقرب كما ذكره بعض مشايخنا المحققين من متأخر المتأخرين هو أن يكون المراد أنه حصل ربح ثم بعد ذلك وضيعة فإنه ينقص من ربح كل منهما بنسبة نصيبه من الربح ، منه رحمهالله.